المقالات

ضياء الدين بلال يكتب كلمات وضيئة في حق البروفيسور عبد اللطيف البوني

تسامح/الخرطوم

 

 

في طريق عودتي اليوم من مناقل الخير والوفاء زرت أستاذي وصديقي العزيز بروفسير عبد اللطيف البوني بقرية اللعوتة ، فكان الكرم والبشاشة واللطف الجميل.

البوني انقطع عن الكتابة الصحفية ولم يعد يأتي إلى الخرطوم إلا قليلًا ولزم قريته الحنون بين الخضرة والمياه والقلوب الصافية النقية.

 

بروف البوني نموذجٌ للمُثقَّف المُرتبط بنُبْلٍ ووفاءٍ للأرض ولأهله ووطنه، وللبسطاء، مُلخَّصُ تجربة البوني العودة للأرض والزراعة والتعامل معها كأيدولوجيا للخروج من نفق الأزمات لا الاقتصادية فقط، ولكن السياسية والاجتماعية والإثنية التي تجعلنا نتحارب ونتباغض ونصطرع بأيادٍ كثيرةٍ على كعكة صغيرة.

 

حينما تعلو الزراعة كقناعة أيدولوجية وعقيدة اجتماعية، لن يكون السلاح هو الخيار ولا السياسة بفهم الجدال، و”طقِّ الحنك”، وبيع المواقف والسمسرة في الذمم هي خيار الصفوة للدخول لعالم السلطة والثروة والنفوذ.

الناظم المركزي لسلوك بروف البوني، هو ذلك التواضع النقي من شوائب التصنُّع، تواضع طبيعي وطازج بلا تكلف ولا مَنٍّ.

 

البعض يمارسون التواضع للتجمل الاجتماعي، ويُشعرونك بأنهم يتواضعون تكرُّماً، ويمنُّون عليك بذلك.

 

عبقرية البوني في الكتابة، تلك المقدرة النادرة في صياغة الأفكار والآراء والمعارف الأكاديمية والحياتية، بلغة تجمع البساطة بالجزالة مع العمق، صباحه في الحقل، ونهاره في قاعات المحاضرات، وليله بين الشاشة والحرف.

 

حكمة البوني تطوي المسافة الفاصلة من فلاسفة الإغريق: سقراط وأفلاطون وأرسطو طاليس، إلى فرح ود تكتوك والعبيد ود بدر ومكاشفي القوم.

لا أعرف رجلاً في زمن تلوَّث فيه كُلُّ شيء، لا يزال نقيَّاً وطاهراً، أبيض القلب، وأخضر (الضراع)، وصافي النية، مثل بروفيسور عبد اللطيف محمد البوني.

ضياء الدين بلال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى