طارق المادح✍️ خواطر في مقام الكابلي

ورد في الأخبار ان الخليفة العباسي المأمون قولة عن موسيقار عصرة اسحق الموصلي(لولا شهرة الموصلي بين العامة بالغناء دون سائر ملكاتة..لوليتة القضاء لما اعلم من علمةوفقهة وادبةونزاهتة)..ولعل تاريخنا الإنساني والإسلامي لم يحفظ لنا اسم تحقق بذات مقام إسحق الموصلي سوي المطرب والاديب والموسيقار السوداني /عبدالكريم الكابلي فقد كتب اسمة في سماء الابداع بأحرف من نور فوهبتة عبقرية الزمان والمكان بافانين مواهب …كان ميلادة عام 1931م بشرق السودان أحد بوابات التثاقف الحضاري. وبسني دراستة الباكرة حظي برفقة وزمالة الشاعر الغنائي الفذ حسين بازرعة..وورث الأدب والتأدب من والدة الأديب عبدالعزيز الكابلي..تشربت مسامة الفنية بانغام من سبقة من فناني جيل الاربعينيات حسن عطية واحمد المصطفي والكاشف وعثمان حسين وعثمان الشفيع وعبدالعويز داؤد..نال من الق الافندية قدرا معتبرا إذ عمل بالهيئة القضائية حتي وصل (كبير مفتشي ادارة المحاكم)..تميز بايثارة الفني قبل ظهورة كفنان بالإذاعة السودانية عام 1960م ففي شبابة الباكر عام 1952م اهدي عبدالعزيز داؤود اغنية (يازاهية) وتوالت اهداءاتة لزملائة الفنانين تغني له ابوعركي البخيت(مرسال الشوق)وكمال ترباس(بريدك والريدة ظاهرة بعيني)وزيدان البلابل وحتي جيلنا الحالي الفنان ادروب بأغنية(قلية بن)…زرتة بفرجينيا بربيع عام 2016م..برفقة شقيقي الأكبر الشيخ محمد المادح حفظه الله وله في تقديره ود خاص ..فوجدتة بكامل حضورة الانساني ورقة شعورة..دار نخب الانس بذكريات الفن والمجتمع والطرف والمفارقات زان هذة الزيارة التاريخية كرم واريحية حرمة المصون السيدة الفضلي عوضية الجزلي شقيقة القامة الاعلامية الباذخة استاذ الاجيال عمر الجزلي..فتلمسنا بر ابناءة الاماجد عبدالعزيز ومحمد وسعد وقوارير جليلة تحفة بالحب والتقدير..حدثنا بامتنان ومحبة فياضة عن من سبقة من الرواد الأوائل فإذا ذكر احترام الفن قال احمد المصطفي ونجومية الفن والمجتمع فعبدالعزيز داؤؤد وعن ثورية الابداع كان ابراهيم عوض وعن شلالات الألحان محمد الامين..وعن الإعجاز فمحمدوردي..اما عثمان حسين فيعتدل في جلستة(عثمان حسين يجعلك توقن ان واهب الابداع هو الخالق العظيم..هو علامة فارقة في مسيرة الاغنية السودانية)..مسيرة الكابلي الانسانية والفنية سمتها علو الهمة تغني للوطن وللحبيبة والسلام فهو من قلائل المغنيين الذين يتميزون بتكامل الشخصية..تطابق سموق موهبتة مع فخامة تثقيفة الذاتي..حتي اصبح أحد المصادر التثقيفية للمستمع السوداني والعربي غواص في اكتشاف جواهر الأدب والفن من خلالة عرف المستمع بشوارد يزيد بن معاوية(وامطرت لؤلؤ من نرجس) وابي فراس الحمداني (اراك عصي الدمع ) وعباس العقاد (شذي زهر ولا زهر)وعلي محمود طة المهندس واغنية (الجندول)و وغناءة للثورة الجزائرية (اغلي من لؤلؤة بضة)وللقضية الفلسطينية من كلمات عزيز التوم(يا فلسطين اسلمي)وفي تراثنا الشعبي للشاعر الحردلو وغيرة فضلا عن ملحمتة الوطنية اوبريت السودان للاديب والسياسي الشريف زين العابدين الهندي…ذائقة الكابلي الانتقائية قدمت كوكبة من الشعراء للجمهور في ابهي حللهم من خلالة ذبنا شجنا ولوعة برقة عوض احمد خليفة(كيف يهون عندك خصامي) وشفافية التجاني حاج موسي (في عز الليل) وبفصاحة حسن عباس صبحي (ماذا يكون حبيبتي)وجزالة الحسين الحسن(حبيبة عمري)ولوحات تاج السر الحسن (اسيا وافريقيا).وعبدالمجيد حاج الأمين ووطنية الثائرة(هبت الخرطوم في جنح الدجي) وتسامي صديق مدثر (ياضنينا بالوعد)وتوفيق صالح جبريل صاحب الدهليز وتوهج روحة(كسلا أشرقت بها) .وللكابلي شاعرية تنأي به عن التكلف فقد اعتق عاطفة المحبين من أسر الذاتية الي الفاعلية الاجتماعية(حبك للناس خلاني احبك تاني*فيك الاحساس نساني اعيش احزاني).(وصوك علي يا نور عيني..وصوني أحب لسابع جار وانت اول جار…وداير قربك لكن محتار)! .ومما يجب امعان التبصرة به ان للكابلي منهجية متفردة في الأداء مازتة عن غيرة..إذ يتقمص وجدان المسمتع لا المغني!!؟ فيشارك المستمع اهاتة وزفراتة وذوبانة وشجنة دونك التهتك الشعوري بأغنية(اين من عينيك هاتيك المجالي يا عروس البحر يا حلم الخيالي)..الي ان يبلغ التطريب والشجن منتهاه(صفق الموج لولدان وحور يغرقون الليل في ينبوع نور)..وهي لعمري من الاهازيج الكونية شعرا ولحنا واداءا..ويسوح الكابلي في براحات أرحب معضدا التعايش الديني والتسامح بين الملل والنحل فكانت اغنية(جراح المسيح)للشاعر القبطي(عزيز التوم)..وبكل طاقة الحب والتسامح وسحرية الفنون يبشر الكابلي في المحافل الدولية وحتي مكتبة الكونغرس الأمريكي. بنشر ثقافة السلام ويدشن كتابة(انغام لا القام)فرهانة الدائم علي قيمة الفن في إكتشاف أعماق النفس الإنسانية والتقريب بين شعوب العالم..والكابلي مسرح لمواهب عدة فقد حفظت مكتبة تلفاز السودان عدد من الحلقات التراثية التي قدمها في مراحل مختلفة ففي بداية السبعينيات وثق للشاعر حدباي رفيق الشاعر الوطني خليل فرح ..ويعقد الالفين ببرامج تراثيات الذي وثق لعادات وفنون القبائل السودانية..كما أن لة ذوق خاص في انتقاء بعض المدائح من تراثنا الديني(الحجيج قطع..طالب نور البقع)و(السراي جافوا النوم)ورائعة محمد المهدي المجذوب(ليلة المولد)..ولعل مما اثري تجربة الكابلي بهذا التنوع معاصرتة لعدة منتديات ادبية بأم درمان كمنتدي اخوان الصفاء ومتتدي عبدالله حامد الامين وغيرها من المنابر الثقافية..فضلا عن صحبتة لاصفياء نوادر نابهين ونابغين كالاديب البروفسير علي المك ومولاتة باقتراحات بارعة.. .شحذ الكابلي كل مواهبة في الشعر والغناء والبحث للتنزة في حدائق الثقافة..فاينعت ادبا وفنا راقيا..فأكرم بها من خرائد فريدة..فكل ذي فطرة سوي لا مفر له من جواذب الكابلي(يطوق)كل ملكاتك الفطرية..فيطربك اذا تغني..ويمتعك اذا تحدث. ويحلق بك إذا اشعر..يتضوع لطفا وظرفا اذا جالستة..ابان اقامتة بامريكا مع اسرتة الكريمة خلق حضورااجتماعيا متفردا بين مختلف طبقات السودانيين فبادلونة حبا وتقديرا..وكم ازهرت ديباجة السماحة السودانيةبامريكا بدعوات احتفاءابالكابلي من بعض صفوة المجتمع السوداني مثالا لا حصرا بولاية نيوجيرسي رجال الأعمال سيد ابراهيم و وائل عمر وبفرجينيا المستشار الصادق خلف الله..ونطاسين نبلاء مثل البروفسير سيف الدين الأسد..وغيرهم الكثير..مما لا يسع المجال لذكرهم فكان حضور الكابلي بينهم منحة اورثتهم طمأنينة ان في بيتنا كبير…. ولا غرو بان استبد الامتنان بأحد أبناء السودان البررة للقيام بدورة الوطني السيد/اسامة داؤؤد وشركة دال بان تشرفت باقامة مهرجانا تاريخيا وطنيا عام 2020م تكريما للكابلي واستفتاءا لمحبة الكابلي في قلوب كل السودانيين ..فبادلهم الكابلي وفاء بوفاء وحبا بحب فصدع بعبارتة المشرقة(انا قلبي أضعف من أن يحتمل كل هذا الحب فهو حب ملايين القلوب علي قلب واحد)..هذا هو عبدالكريم الكابلي الظاهرة الفنيةوالثقافية والانسانية. سواح في بساتين المعارف والعرفان. والرجل حال مكنون بينة وربة فعند زيارتي له بفرجينيا ذات الساعات الست (ومضة عشت علي اشراقها وانقضت عجلي) لحظت علية كثرة الاطراق والتأمل والتهليل..فقد اكتملت عندة دائرة العرفان التي وقف عند عتباتها ثلة من الفنانين تحقيقا للاشارة الموحية للبروفسير الجمالي احمد عبدالعال(الفنانين مشاريع مؤجلة لكبار المتصوفة).فها هو الاستاذ الكابلي قد اذن له بالانعتاق من أسر(التأجيل)وفي مدارج العرفان ارتقي..وهو الصادح باخريات قصائدة(اشتاق لقاءك يا ربي في لهفة صوفي نشوان*روحي لسماءك تسبقني اما قيدي والجسم الفان*سيعود زهورا وورودا في تربك مرسمك الالوان )