أخبارالمقالات

طارق محمد عمر يكتب: أسرار خطيرة عن الحزب الشيوعي السوداني.. الملف السري

تسامح نيوز | الخرطوم 

١٩١٣ تكونت أولى خلايا التنظيم الشيوعي السوداني بواسطة ٣ يهود أرمن قدموا مع المستعمر البريطاني وعملوا بمصلحة الأشغال العامة.. أول المجندين محاسب بالاشغال يدعي خالد أحمد وهو سوداني من أصول تركية.. يملك منزلا واسعا بحي الموردة جنوب.. اتخذه مدرسة لتفريخ كوادر التنظيم وعرف باسم مدرسة الكادر السري واحاطه بدرجة تأمين معقولة ومن ذلك تكليف بعض صبيان الحي بكتابة أرقام السيارات التي تمر أمام المنزل خشية الأمن .. كان التنظيم سريا لأن ثورة لينين الشيوعية البلشفية معادية لبريطانيا .. والسودان وقتذاك مستعمرة بريطانية… وأول نشاط معلن للتنظيم الشيوعي السوداني كان سنة ١٩١٩ في موسم الحج بميناء جدة.. حيث وزع منشورات معادية للراسمالية البريطانيا والأميركية والاقطاع ونظم الحكم الملكية الموالية لهما .. وكان للتنظيم أثره الهيكلي والنضالي السري على جمعيتي الاتحاد واللواء الأبيض.. وأدرك قلم مخابرات المستعمر علاقة الجمعيتين بالشيوعية.. فعمل على استقطاب وتجنيد شاب شيوعي من أبناء بري يدعي/ على ود حاجي واخترق به الجمعية واعتقل قادتها ونفى على عبد اللطيف إلى مصر حيث حبس بمصحة للأمراض العقلية وهو سليم بشهادة طبيب بريطاني وزوجته العازة.. ثم كان للتنظيم الشيوعي الذي عرف بالجبهة المعادية للاستعمار أثره في تحريض الخريجين والمرأة ضد المستعمر. البريطاني .

حتى العام ١٩٤٩ لم يكن للتنظيم جهازا أمنيا متكاملا.. فقط توعية أمنية وأخذ درجة من الحيطة والحذر في إخفاء أسرار التنظيم… لكن بقدوم الشاب عبد الخالق محجوب البالغ من العمر ٢١ سنة من مصر عقب تلقيه تربية فكرية من اليهودي الشيوعي الفرنسي الأصل المصري الجنسية / هنري كورييل.. وقيادته لثورة شبابية همشت الشيوعيين القدامى وأبرزهم الأستاذ / عوض عبد الرازق سكرتير عام الحزب.. ونصبت عبد الخالق زعيما وسكرتيرا عاما وخصصت له راتبا شهريا وسيارة فلوكسواجن جديدة وسمي ب.( راشد ) اسما حركيا يشير إلى نضجه .. تم أفراد إدارة للأمن تعني بتأمين العضوية والمعلومات والوثائق واوكل أمرها للشيوعي / محمد أحمد سليمان .. فسافر سرا إلى روسيا وألمانيا الشرقية لاغراض التدريب الأمني والتعرف على هيكلة واختصاص ومهام الأجهزة الأمنية.. عاد وشرع في تدريب بعض عضوية الحزب وتقسيمهم على الافرع والشعب .. وبدأت التقارير في الأنسياب .. ومن أبرز الكووادر المؤسسة عبد المجيد شكاك مسؤول فرع الاستخبار العسكري وتأمين المركز العام واسمه الحركي شقاق . كان مسؤولا عن تجنيد ضباط وأفراد من الجيش لصالح الحزب وإدارتهم .. أشرف على عدة انقلابات كان آخرها انقلاب هاشم العطا في ١٩ يوليو ١٩٧١ الذي أحبط بعد ٣ ايام من وقوعه .. حيث اعتقل وحوكم بالسجن ورحل مخفورا ومقيدا إلى سجن شالا بدارفور وتوفي بعد أسابيع من سجنه في ظروف غامضة( أرجح تصفيته جسديا) … ومحمد حسن الجزولي مسؤول الأمن التنظيمي ومحمد ابراهيم نقد مسؤل الأمن الخارجي ثم تم ضم إبراهيم حاج عمر وعوض الله الكرنكي وعوض الله إبراهيم الذي أشرف على نميري قبيل تنفيذ انقلاب مايو ١٩٦٩. وفي العام ١٩٦١ ضمت الإدارة الأمنية فرع المخابرات الخارجية / هاشم اباسعيد ( قائد اسطول مخابرات السودان لاحقا).

منذ وقوع انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ دفعت انساق أمن الحزب الشيوعي بعدد من كوادرها للعمل في اجهرة أمن النظام.. فالحق هاشم اباسعيد وميرغني حسن علي ( الصحفي) وعثمان كط بجهاز الأمن القومي الوليد .. بينما التحق محمد أحمد سليمان وسمير جرجس وعبد الباسط سبدرات بالأمن العام.. وتمت إقالتهم عقب فشل الانقلاب الشيوعي في ٢٢ يوليو ١٩٧١ عدا هاشم اباسعيد لعلاقة أسرية ربطت بين أسرته وأسرة مأمون عوض أبو زيد مؤسس ورئيس جهاز الأمن القومي عضو مجلس قيادة الثورة.. وكان نقد يلتقيه سرا ويطلب منه تقديم استقالته من الجهاز لأن أمن الحزب بحاجة اليه إلا أنه رفض.

عقب هزيمة القوات السوفيتية المحتلة لأفغانستان منذ سنة ١٩٧٩ بدعم من الحركة الإسلامية وما ترتب عليه من انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه والفطام المالي الذي طال الأحزاب الشيوعية في العالم.. وضعت منظومة أمن الحزب الشيوعي إمكاناتها البشرية وخبرتها في خدمة أميركا وبريطانيا وإسرائيل والماسونية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات الأجنبية التطوعية… انتقاما من الإسلاميين وتفكيكا لنظام حكمهم. وطلبا للمال . بينما أقال الإسلاميون صغار الضباط الشيوعيين الذين الحقهم الحزب بجهاز الأمن في حقبة الديموقراطية الثالثة التي ترأسها السيد الصادق المهذي ومنهم صديقي بمدرسة المؤتمر العليا الملازم أول/ الطيب نور الدائم ولكم وددت استمراره في الجهاز لذكائه وحسن سيرته. .. واستطاع الإسلاميون اختراق وواد الانقلاب الشيوعي سنة ١٩٩٣.

تلك المعلومات لم تتوفر لي الا بعد شروعي في الدراسات العليا عام ١٩٩٧ .. وقتذاك افادني جدي الفريق شرطة / إبراهيم حسن خليل احد ابرز مؤسسي الفرع الخصوص عام ١٩٤٣ : انه كان شيوعيا في صباه ومن مهامه توزيع المنشورات والبلاغات التنظيمية على عضوية الحزب بأم درمان القديمة على متن عجلة هوائية ( بسكليتة) جديدة تتبع لمدرسة الكادر السري.. وكان سعيدا بذلك.. لذا استطاع بعد ضمه للفرع المخصوص ضرب أوكار الحزب الشيوعي واعتقال عضويته السرية والمعلنة.. ذلك بعد أن أقنعه الإنجليز بسوء النظرية الشيوعية .. ومن الغريب أن الحزب استطاع تجنيد ٣ من أبنائه منهم ابنه الأكبر كمال الذي أصبح محاميا شهيرا.. وقد صادق والده على اعتقاله بسجن كوبر ( عسكرية ومهنية جد ).. خالي كمال هو من كشف لي مدرسة الكادر السري وأبرز القيادات الأمنية حيث كان عضوا باللجنة المركزية للحزب.. وابن عمتي إبراهيم حاج عمر عضو اللجنة المركزية هو من شرح لي تكوين أجهزة أمن الحزب واختصاصاتها ومهامها .. ومنها الأمن الداخلي والتأمين ومكافحة التجسس والمخابرات الخارجية والاستخبارات العسكرية .. وافادني اللواء/ هاشم ابا سعيد انه عمل في أمن التنظيم في الفترة من ٦١ إلى ١٩٦٩ ثم التحق بأولى دفعات جهاز الأمن القومي.

في ذات العام ١٩٩٧ اشتريت منزلا قديما كان تابعا لمدرسة الكادر السري بحي الموردة ولما احضرت عمالا لهدم إحدى الغرف المتهالكة وجدت على سقفها البلدي لفافات ورقية عبارة عن قصاصات صحفية محفوظة بعناية بين أعواد الدوم (الرصاص) وجريد النخل.. وكانت تتعلق بحركات انقلابية في فترة حكم الرئيس عبود.. فاستنتجت انها جزء من الأرشيف الخاص بمدرسة الكادر السري وربما كانت المدرسة ضالعة في التخطيط لتلك الانقلابات.

استخبارات الحزب الشيوعي على تنسيق دائم مع الاستخبارات المصرية منذ انقلاب ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ المصرية الذي رتبته المخابرات الأمريكية بدعم من حركة الإخوان المسلمون .. وكانت للمخابرات الشيوعية علاقات وثيقة مع مخابرات الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وفرنسا وإثيوبيا منقستو وعدن.

الآن تواصل الحزب مع حركة عبد الواحد محمد نور المدعومة من فرنسا مثلما تواصل مع حركة عبد العزيز الحلو ذو التوجهات الشيوعية..

اواصل بحول الله.

د. طارق محمد عمر.

الخرطوم في يوم الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢٢.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى