أخبار

طارق محمد عمر يكتب: تعرضت لإطلاق نار بغرض التصفية من (…..)

تسامح نيوز | الخرطوم 

في مطلع العام ٢٠٠٢ حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الخارجية لأجهزة أمن السودان بالأجهزة النظيرة في العالم .. وشرعت في التحضير لنيل درجة الدكتوراة في العلاقات الأمنية بين أجهزة أمن السودان والمخابرات المركزية الأمريكية..
حدثني بروف / حسن مكي المقرب لرئاسة الجمهورية ومحل مشورتها حدطيثا فهمت منه أن قرارات ستصدر بإحالة بعض الحكوميين إلى التقاعد ( وانا منهم) وان ذلك سيكون لمصلحة الحركة الإسلامية.. لأن الحكومات لاتقوم الا بمعارضة قوية.
اول مارس ٢٠٠٢ زارني في مكتبي ضابط صغير برتبة ملازم أول وبعد التحية والمجاملة قال لي : يا سعادتك الصالح العام كيف؟. لم اجبه لكنني تيقنت من أنه علَم بكشف سيرد فيه اسمي .
هذا الضابط كان مجندا لصالح مجموعة فلان عميل المخابرات.. ولحداثة سنه ورتبته كان يحدثني ببعض الأسرار.. من ذلك أن أحد اليهود المقيمين في السودان وذكره بالاسم دعاه واثنين آخرين من صغار الضباط لاجتماع في مزرعة بضاحية سوبا غرب واكرمهم وصنع لهم الشاي بيديه.. لم يكن يعلم أن اليهودي المذكور هو من يترأس اجتماعات ضباط مخابرات الدول الغربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات التطوعية الأجنبية في الخرطوم وأنهم يرتجفون أمامه… وهو مسؤول عن اختراق أجهزة أمن السودان .. حينها أيقنت بأن العميل فلان اارتبط بالموساد الإسرائيلي.
وردتني إشارة من رئاسة الجهاز باختياري للعمل خارج السودان وطلبت التحاقي بدورة تدريبية على إدارة المحطات الخارجية.. بخبرات من المخابرات الأردنية..
يذكر أنني كنت عضوا ثم مسؤولا عن لجنة اختيار الضباط للعمل في الخارج لعدة سنوات… كان بإمكاني العمل في الدولة التي أريد لكن نفسي أبت على ذلك.
كنا ١٢ ضابطا وبدأت الدراسة يوم ٢٠مارس ٢٠٠٢.. اعرف المستوى الراقي للمخابرات الأردنية وكفاءتها لكنني أحبطت من مستوى المعلمين وبدأ لي أن لاعلاقة لهم بالتدريب وربما بالمخابرات نفسها.. كنا اكفأ منهم وأكثر الماما بعلوم المخابرات.
مرت الايام رتيبة بلا فائدة ولولا تعليمات الرئاسة لانفض السامر.
ظهر يوم ٢٦ مارس ٢٠٠٢ وردتني إشارة من رئاسة الجهاز تنص علي احالة ١٦ ضابطا للتقاعد من بينهم شخصي.. وفقا للمادة ٣٠( أسباب سياسية) وجلنا ضباط محترفين ومهنيين لانتعاطي السياسة.
بعد دقائق وفد إلى مكتبي عدد من الضباط أغلبهم من صغار الرتب.. بعضهم اجهش بالبكاء وغادر الجهاز بلا استقالة .. لكن ما ادهشني حضور نقيب نابغة في مجال التحليل والتقييم يدعي/ جمال شريف.. قال بصوت مرتفع هذا ظلم ولن ابقى بعدكم في الجهاز .. حاولت أثناءه لكنه رفض بشدة.. دفع باستقالته وغادر.
قدت سيارة الجهاز المخصصة لي وعند البوابة الخارجية .. توقفت سيارتان لاندروفر تتبعان السفارة البريطانية.. بهما فتاتين بريطانيتين .. الأولى أخرجت لي لسانها والثانية بسطت كفها الأيسر وحركت عليها قبضة كفها الأيمن بشكل دائري.. وهي حركة تعرف لدى نساء السودان بالكية.. تهدف لاغاظة الشخص .. وتَم وضعي لنحو شهرين تحت مراقبة مكشوفة بالسيارات من قبل سفارة أجنبية.. وأطلقت نحوي ٥ رصاصات ببحري شارع الزعيم الأزهري ورصاصة امام سلاح الإشارة.. كل ذلك لاخافتي ولايدرون أنني خريج الكلية الحربية والقوات الخاصة..
في المساء هرع إلى زيارتي بمنزلي كل من اللواء / هاشم اباسعيد قائد أسطول مخابرات السودان بلا منازع .. ثم اللواء / أحمد حسن دياب مساعد المدير العام للإدارة ذلك الرجل الكبير.. وحقا لايعرف قدر الرجال الا الرجال.
في اليوم التالي نشرت السفارة الأمريكية إعلانا تطلب فيه تعيين ضباط أمن متقاعدين بمواصفات لاتنطبق الا علينا.. ببراتب ٧ الف دولار شهريا غير المخصصات.. لكنا ثبتنا كالجبال الراسيات ولم يتقدم أحدنا للوظيفة..
ارسل لي العميد/ صلاح قوش نائب مدير الأمن الداخلي دفعتي المقدم ( ع ع) يطلب مني إدارة بعض الملفات الأمنية من خارج الجهاز فرفضت طلبه..
الرئيس صرح بأنه تعرض لضغوطات من الإدارة الأمريكية لإصدار قرارات بالاحالة إلى التقاعد.
مدير الجهاز تعرض لذبحة صدرية فهرعت لعيادته بمنزله رفقة المقدم مهندس /الفاتح عوض الكريم فدهش لثباتنا وتماسكنا..
اواصل بحول الله.
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم السبت ١٧ ديسمبر ٢٠٢٢.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى