أخبار

طارق محمد عمر يكتب: غردون 2

تسامح نيوز – الخرطوم
غردون باشا دفعت به بريطانيا لإخلاء الجيش الاستعماري متعدد الجنسيات من السودان .. ذلك إثر تنامي الثورة المهدية .. تعلمنا في كتب التاريخ المدرسية ( الفطيرة ) أن غردون كان مديرا للمديرية الاستوائية وانه اداري مخضرم .. وبالبحث والتقصي والاستنتاج اتضح انه كان ضابط استخبارات كفؤ .. وانه كون خلال فترة وجيزة من الزمان شبكة استخبارات من الجنسين ذات قدرات عالية لتساعده في رصد اندفاع السيل المهدوي .. وحث القوات والأجهزة الأمنية على الانسحاب من السودان عبر جنوب وشرق وشمال البلاد .. مثلما عمل على إخلاء بعض القناصل والعناصر الاستخبارية الأجنبية التي تعاونت معه .. وسحب الملفات الأمنية الساخنة وجل الارشيف واودعه لدى مخابرات بلاده المحتلة للدولة المصرية .
مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت فيها اميركا دون تقديرات محكمة وانعكست سلبا عليها وعلى الدول الاوربية .. وادركت أن ليس باستطاعتها مواجهة روسيا والصين وايران عسكريا واستخباريا واقتصاديا .. بدات تخطط للانكفاء على ذاتها مثلما فعلت في النصف الأول من القرن الماضي .. لتبني نفسها وتستجمع وتنمي قواها لأجل التسيد على العالم .. ولما كانت بريطانيا هي المؤسس للولايات المتحدة الأمريكية في كل مجال اصبحت واشنطون تسير على خطاها وقع النعل بالنعل .
الآن وبعد جهد جهيد اختارت أميركا ضابط المخابرات الرفيع المتخصص في الحركات الإسلامية ومكافخة الإرهاب جون جوديفري سفيرا لها بالخرطوم .. في تقديري ان مهمة جوديفري تشبه مهمة غردون باشا الى حد كبير .. فالسفارة الأمريكية في الخرطوم عبارة عن قاعدة استخبارية رحلت من كينيا بعد ان استهدفها اسامة بن لادن بالتفجير .. تهتم هذه القاعدة الاستخبارية بدول وسط وشرق وغرب افريقيا ومصر وامن البحر الأحمر والدول المشاطئة له .. والوجود الغربي والاجنبي في المنطقة .. والمنظمات والاتحادات والمصارف والشركات الإقليمية والدولية والتطوعية والأجهزة الأمنية والجيوش والاحزاب والتنظيمات .. وقد كونت وادارت شبكات استخبارية واسعة النطاق واكاديميات ومراكز للدراسات الأمنية ومئات العملاء والجواسبس .. ومثل هذا الواقع لايفك طلاسمه ويجلبه بامان الا ضابط كفؤ مثل جون جوديفري .
أرى أن الفوران الثوري والاضطرابات والاحترابات الداخلية والبينية في السودان خاصة والمنطقة عامة ما هي إلا دخان يحجب الرؤية عن ما تقوم به المجموعة المساعدة لجودبفري من مهام كبيرة .
وما اشبه الليلة بالبارحة .
د. طارق مخمد عمر .
الخرطوم في يوم الأربعاء 20 يوليو 2022 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى