
عثمان جلال يكتب: أبعاد قصف محمد بن زايد لبورتسودان
(1)
نحن قوم شدة كجبالنا، كرب كصحراءنا ، في طباعنا جد لأن الحياة لم تبتسم لنا كما ابتسمت لغيرنا من الشعوب فينا كرم حاتمي فياض كالنيل يقذف بالطمي الخصيب من منبعه ليفيض به على مصبه في دلتاه هكذا وصف المحجوب الشعب السوداني .
إنه الشعب الذي خرج من رحمه المك صبير ونمر والخليفة التعايشي الذين اختاروا الثبات وافتراش الأرض وانتظار المصير بعد ان نفد السلاح وتكسرت النصال على النصال وهذه قمة الجسارة والبسالة في أيام حروبات العرب كما ذكر ذلك مؤرخ السودان الأول محمد عبد الرحيم في كتابه نفثات اليراع.
يتوهم محمد بن زايد ان الشعب الذي بذل في يوم كرري اكثر من ستة عشر ألف شهيد كله أمثال حميدتي وسلك وطه عثمان الحسين قابل للاسترقاق السياسي، ولكن الجهل والغطرسة والطيش والغرارة وفقدان الحكمة آفة الأنظمة الملكية في دورات الاجيال التي تعقب الآباء المؤسسين.
(2)
لقد أراد محمد بن زايد استلاب الموارد والموانيء السودانية واختطاف السيادة والقرار السياسي الوطني عبر الرئيس السابق البشير مقابل الاندماج في نادي التبعية الغربية والامريكية والحكم المطلق وتأبى البشير العرض في أنفة وكبرياء . ثم أعاد الكرة مع الفريق البرهان الذي رفض خيانة الأمة وشرف الجيش . ثم وجد ضآلته في المرتزق على الشيوع حميدتي، وقيادات قوى الحرية والتغيير المنبتة عن الوجدان والضمير الوطني.
لما تعذر على المجرم بن زايد تمرير مشروع الوصاية على الدولة السودانية بالأدوات الناعمة لجأ إلى توظيف بندقية المرتزق حميدتي ، وقيادات قحت كجناح سياسي مدني على النحو الذي تعلمون في حرب 15 ابريل 2023م .
(3)
لقد توهم الغر المتغطرس بن زايد أن الحرب ستكون خاطفة تنتهي بقتل او اعتقال قيادات الصف الأول للجيش السوداني ثم ما يلبث أن يرضخ الجيش والشعب لمشروع الوصاية الاماراتي، والملك المتوج حميدتي ،ولكن هيهات فقد تداعى الشعب السوداني للقتال كتفا بكتف مع الجيش حتى أبطل مفعول المؤامرة. وتتجه الان ارادة الشعب والجيش لحسم المليشيا الارهابية في ولايات دارفور وكردفان
لقد ظل المجرم بن زايد طيلة الفترة السابقة يتعهد المليشيا بالمال واللوجستيات وتدفقات المرتزقة وامدادات السلاح عبر دول الجوار، ورصد تحركات الجيش عبر الأقمار الصناعية ولكن ما دلالة تدخل النظام الاماراتي المباشر في الحرب عبر إطلاق المسيرات الاستراتيجية على بورتسودان وتدمير البنية التحتية للطاقة والكهرباء والمخزون الاستراتيجي للوقود واستهداف المطار والكلية الجوية والبحرية وقاعدة فلامنغو وعثمان دقنة ؟؟
لقد بذلت النصح في الخاص والعام لقيادات الجيش السوداني من هكذا سيناريو وضرورة الاستعداد له من حيث امتلاك تقنيات الحماية الجوية وتزويد الجيش والقوات المساندة بأحدث الأسلحة والاستمرار في تعبئة الشعب وفتح معسكرات التدريب للمقاومة الشعبية في كل قرى ومدن ونجوع السودان لتعميق شعار الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش.
(4)
ينزع محمد بن زايد من وراء التصعيد العسكري الاخير خاصة في الشرق لتحقيق حزمة من الأهداف ، وهي استفزاز الجيش للرد العسكري في العمق الاماراتي مما يدفع بن زايد لتوجيه طائراته لشل قدرات الجيش وتحول ميزان القوة في الميدان لصالح المليشيا الارهابية ،
ولكن الجيش السوداني يدرك متى وكيف يرد على عدوان بن زايد. كذلك يهدف بن زايد من خلال التدمير الممنهج للبنية العسكرية والمدنية للضغط على الجيش والشعب السوداني لقبول التفاوض لإعادة تدوير المليشيا وجناحها السياسي قحت في الحكم ، وهنا نذكر الغر بن زايد بمقولة الفذ الملك فيصل (لقد كنا نعيش تحت الخيام ونستطيع أن نعود إليها، فلئن نخسر المال خير من أن نخسر الشرف) ، وهكذا هي إرادة الشعب والجيش السوداني في معركة الشرف الوطني.
(5)
ايضا يرمي الأرعن بن زايد من خلال التصعيد العسكري في البحر الاحمر بأبعاده الجيواستراتيجية حيث تعبر فيه حوالي 15% من حجم التجارة العالمية، وأكثر من 70% من التجارة السعودية وتتمركز فيه القواعد العسكرية للدول الكبرى وهذه المنطقة في حالة سيولة أمنية وتهديد من الجماعات المتطرفة لذلك فان أمريكا ودول الاقليم لن يسمحوا بانفراط الأمن في البحر الاحمر بالتالي ينزع بن زايد لدفع أمريكا ودول الاقليم خاصة السعودية للضغط على قيادة الجيش السوداني لقبول مبدأ التفاوض الذي يعيد إنتاج المليشيا المجرمة وقحت في مفاصل الدولة السودانية.
هذه تكتيكات بن زايد فما هي خيارات الشعب والجيش السوداني ؟ عندما تولى ونستون تشرسل رئاسة وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية ذكر في خطابه الشهير للأمة البريطانية في مايو 1942 ، (ليس لدي شيء أقدمه لكم سوى الدم والدمع والعرق).
وهكذا وضع محمد بن زايد الشعب السوداني في الخيار صفر فإما النصر العزيز ، أو الموت الشريف وحتما ستنتصر إرادة الأمة السودانية في معركة الكرامة.
الخميس: 2025/5/15