
متابعات | زحل نيوز
عثمان جلال يكتب: القوات المشتركة فوووق!
(١)
ظل انسان دارفور وحدوي في الصميم وذلك منذ قدوم القائد الاسلامي أحمد المعقور الهلالي من غرناطة وزواجه من كيرا او خيرة بنت الملك شاو دورشيد والتي انجبت السلطان سليمان صولونج أي العربي بلهجة الفور والذي نادى بأسلمة المملكة وارتباطها اقتصاديا وثقافيا بمراكز الحضارة الاسلامية في مصر (رواق دارفور) والحجاز وتركيا،
واستمر هذا العمق الوحدوي حتى نهاية المملكة باستشهاد السلطان علي دينار في موقعة برنجية التي قادها الجنرال البريطاني هدلستون بمعاونة بعض عربان الرزيقات عام ١٩١٦، وذلك بسبب انحياز السلطان علي دينار لدولة الخلافة الاسلامية خلال الحرب العالمية الاولى.
(٢)
عند استقراء التاريخ السياسي لدارفور فإن كل الحركات المطلبية والمسلحة التي نهضت في الاقليم منذ تأسيس جبهة نهضة دارفور بقيادة دريج عام 1965, إلى حركات الكفاح المسلح عام 2003م، وكل تناسلاتها التي خرجت من رحم الحركات الام ،لم ترفع شعار الانفصال عن الدولة السودانية بل ظلت تنادي بنصيبها في قسمة السلطة والثروة والعدالة في التنمية.
رغم قناعتي الراسخة ان الحوار والتدافع السياسي السلمي هو الخيار الاستراتيجي للمطالبة بالحقوق وما ضاع حق وراءه طالب، وان خيار البندقية يكرس التبعية للأجندة الأجنبية الهدامة التي تنزع لتفكيك وتمزيق السودان.
(٣)
كانت تؤلمني حالة الانفصال الوجداني والشعوري لقطاع عريض من المجتمع السوداني حيال الجرائم البشعة التي ارتكبها الجنجويد في دارفور منذ انفجار الحرب في العام 2003م والتي هزت الضمير الإنساني العالمي ، وقد اعترف بها الرئيس السابق البشير عندما قال (لقد سفكنا دماء أهل دارفور لأتفه الاسباب وكيف نسأل الله الرحمة وايدينا ملطخة بالدماء) .
رغم شناعة المأساة لم نشهد مظاهر تضامن بمسيرات ولو صامتة دعك من ارسال القوافل الغذائية والطبية لمجتمع كان يكسو الكعبة وتستقبل قوافله التجارية عربان الحجاز يتكففونها في عوز وبؤس (ياأبناء العباس أعطوا الناس).
لقد غابت قيم اللحمة ووحدة الأمة التي إذا اشتكى منها عضو تداعى لها سائر الجسد بالسهر والحمى.
(٤)
لقد صدق توصيف هيكل رغم قسوته بأن السودان نتاج جغرافيا وليس تشكل تاريخي وإن مفاهيم الأمة والدولة والهوية لا زالت تحت التشكل ورهن التفاعل،وقد صدق كذلك محمد الفكي سليمان عندما قال إن تشكيل مليشيا الجنجويد تم من أموال دافع الضرائب، ورغم ان هذا المنطق الزرائعي يعبر عن حالة الجنجودية الناعمة التي تتلبسه،
إلا أن دلالته تؤكد أننا كلنا شركاء نسبيا في تلك الجرائم التي ارتكبها الجنجويد بحق المجتمع الدارفوري الوديع المتسامح. وهذا جلد للذات ضروري للتعافي والوئام الوطني وتعزيز العدالة الترميمية ، وإن التحلل من هذه الشراكة الآثمة لن تكتمل شروط توبتها إلا بالمشاركة الجمعية بالنفس والمال في استئصال هذه المليشيا المجرمة من جذورها.
(٥)
سرعان ما تزحزحت حركات الكفاح المسلح بقيادة الدكتور جبريل ، والقادة مني اركو مناوي ومالك عقار من حالة الحياد واندمجوا مع الشعب والجيش السوداني في معركة الكرامة والشرف الوطني وبل وتلاحمت قواتهم كتفا بكتف مع القوات النظامية والمقاومة الشعبية في كل محاور القتال وهكذا تتجلى قيم الانتماء والولاء والجسارة الوطنية،
ولذلك يجب أن يتطور دور حركات الكفاح المسلح ليشمل الإسناد المدني ورتق النسيج المجتمعي في كل فضاءات الدولة السودانية وهذه البدايات الواثقة لانضاج مفاهيم الأمة والدولة والهوية
(٦)
إن واجبنا الأخلاقي والوطني ان نشد من أزر التلاحم بين الجيش والشعب وحركات الكفاح المسلح لدحر وتصفية مليشيا آل دقلو الارهابية المهدد الاستراتيجي للدولة السودانية لا أن نفت من عضد هذا التناصر والتناغم بتأجيج الفتنة وإطلاق المقالات المفخخة كالسم في الدسم لان ذلك يصب في صالح أجندة المشروع الإقليمي والدولي المتآمر على السودان ،
ويصب في صالح أدواته العسكرية والسياسية الداخلية والمتمثلة في تحالف تقدم ومليشيا المجرم حميدتي، وان كان ذلك كذلك فإن من واجب التيار الاعلامي المساند للجيش والشعب وحركات الكفاح المسلح في معركة الكرامة توخي الحكمة في النشر تمشيا مع الأثر القديم القائل: ما كل ما يعرف يقال وما كل ما يقال قد جاء زمانه ،
وما كل ما جاء زمانه قد جاء رجاله وقلوب الحكماء مخازن الأسرار والقوات المشتركة فوووق والقوات المشتركة في خندق واحد مع الشعب والجيش حتى استئصال آخر جنجويدي من أرض السودان.
الجمعة: 2024/11/15