المقالات

عثمان جلال يكتب : نشالو الثورة والعودة المستحيلة للسلطة 

الخرطوم تسامح نيوز

 

(١).

هل لدى قيادات قحت المجلس المركزي خيارات اخرى من اجل العودة الى غنيمة السلطة؟؟ لقد استنفدوا كل الخيارات الميكافلية بدءا من احتكار ثورة ديسمبر ٢٠١٨ واحتكار التفاوض واقتسام السلطة مع المكون العسكري ،وغض الطرف ازاء تنامي امبراطورية ال دقلو العسكرية والاقتصادية، وغض الطرف على جريمة فض اعتصام القيادة العامة، والابوية والوصايا على حكومة الكفاءات الوطنية بقيادة الدكتور حمدوك، ثم تسنم قيادات قحت الوزارات والمؤسسات بعد توقيع اتفاقية جوبا للسلام في اكتوبر ٢٠٢٠ ومعلوم إن الدور الطليعي لقيادات الاحزاب السياسية خلال المراحل الانتقالية هو التفرغ لعمليات البناء والتطوير الحزبي ورفده بالاجيال الشبابية والثورية استشرافا للانتخابات ومهام التحول الديمقراطي المستدام.

(٢).

بثمارها تعرفونها فما هي نتائج هذه الشراكة؟؟ تمكين كوادر قحت في مفاصل الدولة والمؤسسات العامة ، وفساد واستبداد سيئة الذكر لجنة ازالة التمكين، وخروج الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين من الشراكة، ثم التشظي والانقسام الى قحت المجلس المركزي وقحت الكتلة الديمقراطية وبعث واثارة القضايا الهوياتية الحساسة مما أدى لانقسام عمودي حاد في بنية المجتمع السوداني المحافظ كادت ان تعصف بالدولة في جب الهاوية لولا فض الشراكة بعد قرارات الفريق اول عبد الفتاح البرهان التصحيحية في اكتوبر ٢٠٢١م.

ان العمق الاستراتيجي في هذه القرارات يتجلى في ضرورة تحقيق التوافق بين كل القوى السياسية حول مهام المرحلة الانتقالية، وان تدار اجهزة السلطة خلال هذه المرحلة بكفاءات وطنية مستقلة وحيادية مؤسسات المرحلة الانتقالية،وإرجاء اي قضية تمس الهوية الوطنية والمرجعيات الناظمة للحكم لأجهزة تشريعية وتنفيذية منتخبة من قاعدة المجتمع ، والخروج النهائي للمؤسسة العسكرية من العملية السياسية،وهذه محددات نجاح المراحل الانتقالية حتى عبورها الآمن الى الانتخابات التوافقية. ان التوافق والشراكات شروط استراتيجية لبناء النظام الديمقراطي المستدام وفق إجماع خبراء الثورات

ان صدور هذه القرارات من قيادة المؤسسة العسكرية ينم عن زهدها في السلطة وانحيازها لخيارات المجتمع في الثورة والتحول الديمقراطي.

(٣)

كنت اتوقع اعادة احزاب قحت بناء جسور الثقة مع الثوار والقوى السياسية الوطنية وذلك بالشروع في تكوين الكتلة التاريخية الوطنية لمجابهة تحديات الازمة الثورية ،ولكن ماذا صنعت قيادات قوى الحرية والتغيير ؟؟ صممت الاتفاق الاطاريء واختارت الحلفاء انتقائيا وقسمت تركيبة التحالف الداخلية الى قوى الثورة ، وقوى الانتقال، ولما تقدمت بعض القوى السياسية للتوقيع على وثيقة الاطاريء رفضت ووصفت ذلك بالاغراق مما افضى لاستمرار الشرخ وسط القوى السياسية والثورية، ثم دفعت قيادات قحت بالاتفاق الاطاريء للمكون العسكري لاعادة انتاج شراكة السلطة، ولما أدركت قيادة الجيش ان تدوير الشراكة عبر هذا الاتفاق تعني تدحرج السودان في اتون التشظي والتفكك نأت عن المشاركة وحفزت القوى السياسية على التوافق والاجماع .

(٤)

لكن ماذا صنعت قيادات قحت من اجل استعادة الهيمنة على مؤسسات المرحلة الانتقالية ؟

استقطبت قيادة الدعم السريع بحوافز الاستقلالية عن الجيش والدمج بعد عشر سنوات مع تقنين تنامي امبراطوريتهم الاقتصادية والعسكرية وحرمان الجيش السوداني من الانشطة الاقتصادية، ثم قدمت قائد الدعم السريع للوسطاء الاقليميين والدوليين كأيقونة للديمقراطية والدولة المدنية ولما استقوت هذه القيادات ببندقية حميدتي تحررت من شعار السلمية واستبدلته بشعار يالاطاري او الحرب ، حتى اشتعلت حرب آل دقلو الدموية ضد الجيش والمجتمع والمؤسسات العامة والخاصة ولما التف الشعب مع الجيش وحطم مؤامرة استلاب الدولة رفعت قيادات قحت شعار لا للحرب من اجل ابرام صفقة تضمن انقاذ المليشيا واعادتهم سويا للتحكم في السلطة الانتقالية.

(٥).

ان قيادات قحت وآل دقلو روح واحدة شريرة في جسدين شريرين، لذلك تولول هذه القيادات بفزاعة وحدة السودان بعد الشروع في تكوين حكومة طواريء وطنية تصب اهدافها في هزيمة مؤامرتهم ضد الدولة السودانية. وهذا محض تعمية وخداع لأن تصفية مرتزقة آل دقلو من جذورها يعني منع تدحرج السودان في سيناريو التفتيت والتقسيم على اسس صراع الهويات القاتلة

فشلت قحت في تشكيل حكومة في منفاها الاجباري بأمر الشعب وتدرك انها لن تعود للتحكم في مسار المرحلة الانتقالية، وتدرك هزيمتها الحتمية في الانتخابات القادمة .

لذلك لم يبق امام قيادات قحت من خيار لاستعادة السلطة بعد احتراقهم امام شعارات الثورة والثوار ، وامام قاعدتهم الحزبية ، وامام المجتمع، وأمام القيم والأخلاق السودانية، سوى القابلية للعمالة الدولية واستدعاء التدخل الدولي تحت الفصل السابع وهذا سيتكسر تحت صخرة صمود ارادة الجيش والمجتمع السوداني في خندق معركة الكرامة وهكذا ينبغي ان يكون الرهان على وحدة الجبهة الداخلية دون التركيز على توازنات وتناقضات القوى الدولية داخل مجلس الامن الدولي.

وان كان ذلك كذلك على رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش التحرر من التحرك تحت وطأة تأثير ضغط قيادات قحت المجلس المركزي واتخاذ القرارات المكملة لاجراءات ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م التصحيحية وذلك بإبعاد كل مناصري تحالف قحت وال دقلو من مفاصل الدولة لأن هذا يؤكد حيادية مؤسسات المرحلة الانتقالية، ثم التفاكر مع القوى السياسية والقيادات المجتمعية المناصرة للجيش وتشكيل حكومة طواري وطنية فالحرب كما تعلم هي ادارة السياسة بأدوات العنف وهي عملية استراتيجية شاملة في أبعادها السياسية والثقافية والاعلامية والاجتماعية والاقتصادية ، واكبر من اسنادها بصورة أحادية للجنرالات واذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي ان تترددا.

 

الاحد ١٧ سبتمبر ٢٠٢٣

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى