المقالات

عريب الرنتاوي :إتفاق بكين،السياق، التحديات والفرص

الخرطوم _ تسامح نيوز

الدلالة الأهم في “اتفاق بكين“، الذي أبرمته الفصائل الفلسطينية، تكمن في الاتسم الذي حمله، وما يشي به هذا الاسم ويستبطنه من معانٍ وأبعاد، دالة على انخراط صيني متزايد، في ثنايا الشرق الأوسط والمنطقة العربية ودهاليزهما.

بدءاً برعاية الاتفاق الأهم بين الرياض وطهران، وصولاً إلى استضافة الفصائل، صغيرها وكبيرها، لإنجاز مصالحة منتظرة، بدت لعقدين من الزمن، شبه مستحيلة.

ولولا “يأس” أهل السلطة في رام الله من ألاعيب واشنطن ومناوراتها (اقرأ مؤامراتها)، لولا انفلات الفاشية الإسرائيلية من عقالها، وأصابتهم ببعض من شواظها، لما تجرّأوا على إيفاد الرجل الثاني في فتح إلى العاصمة الصينية، ولما حملوا على أكتافهم وزر المسؤولية عن مساعدة التنين الصيني على إيجاد موطئ قدم آخر له في الإقليم.

اتفاق بكين، ابن سياقه، وسياقه الأهم تداعيات الطوفان عالمياً، وتحولات المشهد الدولي وانزياح اليمين الإسرائيلي صوب الفاشية، ومسلسل المحاكمات في لاهاي.

أياً يكن من أمر، فلقد أظهرت الدبلوماسية الصينية أنها تمتلك قدراً فائقاً من المواظبة وطول النفس، وأمكن لها تفويت الفرصة على محاولات التهرب والمماطلة التي بدرت عن رام الله،

وربما أجادت معرفة عواقب “سوء الاختيار” الذي تعمدته رام الله، وهي ترسل بعض قادتها إلى جولات الحوار المتعاقبة، فكان الفشل صنواً لهم وقريناً لحضورهم الباهت والمُعطِّل.

يمكن القول إن منطوق الاتفاق، الذي صدر عن لقاء الفصائل بالوساطة الصينية، يكاد يكون الأفضل والأقرب إلى المواقف والمطالب لفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني بصورة عامة.

هو بلا شك أفضل اتفاق أنجزته الفصائل حتى الآن، على رغم امتداد جولات الحوار أكثر من عقد ونصف عقد، وتنقلها بين نصف دزينة، على الأقل، من العواصم العربية والإقليمية والدولية.

كما يمكن القول، من دون تحفظ، إن الاتفاق استبطن أهم المطالب التي حملتها المبادرات والحراكات التي انطلقت بكثافة بعد السابع من أكتوبر، بهدف ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وتوفير شبكة أمان للمقاومة والمشروع الوطنيين الفلسطينيين.

وهي مبادرات وحراكات تكثّف جهودها، اليوم، من أجل التلاقي تحت مظلة “مؤتمر وطني فلسطيني” جامع، يؤمل أن يكون تأسيسياً، منسجماً مع المرحلة الجديدة في تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني التي دشنها السابع من أكتوبر، وطبع “طوفان الأقصى” ملامحها بطابعه.

فإلى جانب العناوين السياسية التي تتصدر جدول الأعمال الفلسطيني اليوم: وقف المذبحة في غزة، الإغاثة والإيواء، رفع الحصار وفتح المعابر وإدخال المساعدات على اختلاف أنواعها، ومطاردة “إسرائيل” في كل المحافل الدولية، بصفتها كياناً مجرماً يمارس الإبادة والتطهير والفصل العنصري.

بدأ البيان بما يتعين البدء به، والمقصود منظمة التحرير الفلسطينية، بالدعوة إلى بعثها وتفعيلها، وإحياء فكرة الإطار القيادي الموحد، الذي يضم الجميع، وفي صدارتهم فصائل المقاومة (حماس والجهاد)، .

وبحيث تشكل مرجعية عليا وموحدة للشعب الفلسطيني، ولأي حكومة يجري تشكيلها بـ”توافق وطني”، وتصدر بعد التوافق، بمرسوم رئاسي، عملاً بالنظام الأساس للسلطة الفلسطينية، كما نص الاتفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى