أخبار

عريب الرنتاوي يكتب.. إثنا عشر صاروخاً.. وثلاث رسائل

تسامح- الخرطوم

فجر الأحد (13 مارس) أطلق الحرس الثوري الإيراني، اثني عشر صاروخاً باليستياً، ضد ما وصفه بموقع استراتيجي للموساد، على مقربة من أربيل، عاصمة إقليم كردستان.. النبأ أكدته قيادة الإقليم، وقالت إنه كان يستهدف القنصلية الأميركية، في وقت نفت فيه واشنطن، تعرض أي من منشآتها لأي اعتداء، فيما خيّم الصمتٌ المطبق على إسرائيل، قبل أن تتوالى التسريبات اللاحقة، كاشفةً عن بعض تفاصيل الموقع المستهدف، والذي يبدو أنه منشأة تدريب استخبارية، تشغلها أجهزة إسرائيلية وأميركية وغربية، فضلاً عن الأكراد أنفسهم.
الحادث غير مسبوق لجهة الهدف والصواريخ المستعملة لضربه، ما أثار جملة من التكهنات، حول توقيته، والهدف من ورائه ومضامين الرسائل التي يحملها والجهات الموجّهة إليها، وهي أسئلة ما زالت تثير النقاش، برغم مضي قرابة الأسبوع على الحادثة.. وفي ظني، أن طهران أرادت بتبنيها، رسيماً وعلنياً، هجوماً نادراً على أربيل، أن تبعث بثلاث رسائل:
الرسالة الأولى:
للولايات المتحدة، ومفادها أن طهران ماضية في تطوير برنامجها الصاروخي، وأنها قطعت أشواطاً في دفع مدياتها إلى حدودها القصوى، وتطوير “ذكائها” وقدرتها على إصابة أهدافها بدقة، وأن هذه العملية ستتواصل، بالاتفاق النووي في فيينا أو من دونه، سيما وأن ثمة مطالبات عدة، في الإقليم وإسرائيل ودول أخرى، تدعو لإدراج برنامج إيران الصاروخي، على جدول أعمال أية مفاوضات تجمعها بالغرب، سواء في فيينا وبهدف إحياء الاتفاق النووي، أو على أي مسار آخر.
دلالة التوقيت (لحظة إطلاق الصواريخ) تم اختياره بدقة، وليس صدفةً أبداً، ليتزامن مع لحظة اغتيال الجنرال قاسم سليماني في محيط مطار بغداد (3 يناير 2020)، لكأن طهران أرادت تذكير واشنطن، بأن الحساب عن تلك الفعلة لم يُقفل بعد.
ولأن الهدف المرصود، لا يبعد عن قنصلية واشنطن في أربيل، سوى بمسافة قصيرة، فقد أرادت طهران أن تبعث برسالة ثالثة لواشنطن، بأن لا حصانة لأحد حتى وإن استقر على مقربة من الحرم الدبلوماسي الأميركي، وأن إيران لم تتوقف طويلاً، عند إمكانية وقوع “خطأ” في توجيه الصواريخ، وأنها ماضية لضرب ما تراه من أهداف مشروعة، دون كبير اعتناء بسلامة الأميركيين ومنشآتهم.
المفارقة، أن العملية التي نفذها وتبناها الحرس الثوري الإيراني، جاءت في ذروة نقاشات غير مباشرة، بين واشنطن وطهران، حول مصير العقوبات الأميركية المفروضة على الحرس، باعتبارها العقدة الأهم المُتبقية لإنجاز اتفاق في مفاوضات فيينا، لكأن طهران تريد إعطاء مصداقية أكبر، لقولها إن رفع العقوبات عن الحرس، هو “خط أحمر” إيراني لا تراجع عنه، وأن لا اتفاق من دون ذلك، وهو ما جاءت المعلومات والتسريبات بعد ذلك لتقول، أن واشنطن تدرس إمكانية رفع العقوبات عن الحرس الثوري، وإن قراراً بهذا الشأن، لم يتخذ بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى