المقالات

عريب الرنتاوي يكتب : الرياض وأبوظبي وقمة جبل الجليد في “أوبك+”

وكالات /تسامح نيوز
ليس الخلاف السعودي – الإماراتي في إطار “أوبك +” حول تقاسم حصص الإنتاج العالمي من النفط، سوى الجزء الظاهر من “جبل جليد” الخلافات بين البلدين الجارتين… الخلاف أكبر من ذلك، وأبعد مدى… وكان من الممكن للجدل حول “مظلومية” الإمارات، أن تبقى في الغرف المغلقة أو أن يُدار عبر القنوات الدبلوماسية بين أبو ظبي والرياض، لكن ظهوره للعلن على هذا النحو غير المسبوق منذ أربعة عقود، وانتقاله إلى منصات السوشال ميديا، بعد التصريحات الرسمية (الوزارية) المتبادلة، ودخول واشنطن وموسكو على خط الوساطة لاحتواء “الأزمة”، جميعها مؤشرات دالة على أن “وراء الأكمة ما وراءها”.
دخل البلدان الحرب على اليمن في العام 2015 بأهداف مشتركة معلنة، وبغرفة عمليات موحدة، ومن ضمن تحالف أوسع، قادته المملكة العربية السعودية… لكن المراقب للمشهد اليمني عن كثب، لم تفته ملاحظة أن البلدين يسعيان وراء أهداف مختلفة، وصح فيهما القول: تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى… إذ برغم اشتراكهما في العداء للحوثيين، إلا أن ترتيب قائمة الأعداء والتهديدات المفترضة، كان مختلفاً بين الرياض وأبوظبي، ففيما نظرت الأولى للحوثي، بوصفه ذراعاً إيرانياً، كتهديد أكبر لأمنها واستقرارها، و”دفرسوار” إيراني في خاصرتها الضعيفة، كانت الإمارات تنظر لإخوان اليمن المسلمين “التجمع اليمني للإصلاح” بوصفه التهديد الأكبر لأمنها على المدى الأبعد، تأسيساً على خلاف أبعد وأعمق في نظرة البلدين لـ”الخطر الإيراني”، الذي ترى فيه الرياض تهديداً وجودياً، فيما تشاطرها أبو ظبي مواقف أقل حدة من طهران، لا تحول دون احتفاظها بمكانتها كثاني أكبر شريك تجاري لإيران، وبقيمة إجمالية تقترب من 17 مليار دولار.
يفسر ذلك جزئياً أو كلياً، جملة من الظواهر التي رافقت حرب التحالف على اليمن، منها: اندلاع “حرب وكالة” بين البلدين في جنوب اليمن، حتى أن حكومة عبد ربه منصور هادي “الشرعية” لطالما اتهمت الإمارات باغتيال رجالاتها واستهداف وحداتها العسكرية، سيما تلك التي تتألف أساساً من عناصر “التجمع اليمني”، فيما جوبهت محاولات الرياض إعادة هادي وحكومته إلى عدن، ولاحقاً تنفيذ اتفاق الرياض، بمقاومة مسلحة من قبل عناصر وجماعات محسوبة على الإمارات وممولة منها، وفي مقدمها “المجلس الانتقالي”.
كما يفسر ذلك، “سرّ” إحجام الحوثيين عن استهداف الإمارات بصواريخهم الباليستية أو طائراتهم المسيّرة، رغم امتلاكهم القدرة على فعل ذلك، واكتفائهم بضرب أهداف في عمق الأراضي السعودية، ولقد سبق للحوثي أن أرسل بطائراته المسيّرة لتحلق فوق أهداف استراتيجية في الإمارات، وبعث بصورها الملتقطة إلى أبوظبي، من باب التذكير بذراعه الطويلة القادرة على الوصول إلى أهداف إماراتية “رخوة” و”حساسة”، ولكنه لم يفعل ذلك أبداً، ودائماً وسط اعتقاد بأن ثمة “اتفاق جنتلمان” بين الجانبين، أو بالأحرى بين أبوظبي وطهران، للوقوف عند بعض الخطوط الحمراء المتبادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى