أخبار

عمار العركي: قوش بين شائعات الحاضر وحقائق الماضي.. عودة مدروسة أم مجرد شائعة؟

متابعات | تسامح نيوز

عمار العركي: قوش بين شائعات الحاضر وحقائق الماضي.. عودة مدروسة أم مجرد شائعة؟

عمار العركي

▪️رغم غيابه الطويل، ظل اسم الفريق أول مهندس صلاح عبدالله “قوش” حاضراً في خلفية المشهد السوداني ، محاطاً بشائعات كثيرة منذ سقوط نظام الإنقاذ. فقد حمل الرجل ألقاباً متعددة بعد التغيير؛ وُصف بـ”مهندس التغيير” و”الصندوق الأسود”، و”الرجل الغامض”، وظل اسمه مثقلاً بالجدل داخل حاضنته السياسية ذات التوجه الإسلامي، ما بين من اتهمه بالخيانة والانقلاب على حزب المؤتمر الوطني، ومن دافع عنه باعتباره رجلاً فضّل مصلحة الوطن على التنظيم.

▪️ومنذ استقالته ومغادرته البلاد عقب الأحداث المفصلية التي أطاحت بالنظام السابق، آثر قوش الصمت المُطبق، مضيفاً إلى ألقابه لقباً جديداً: ” الرجل الصامت ” ، لكن صمته لم يمنع بروز اسمه من جديد، وهذه المرة من بوابة تقارير صحفية أفادت بعودته إلى مدينة بورتسودان في زيارة غير معلنة.

عمار العركي: قوش بين شائعات الحاضر وحقائق الماضي.. عودة مدروسة أم مجرد شائعة؟

▪️ولأن الجهات الرسمية لم تصدر توضيحاً حول الزيارة أو تنفِ الخبر، يبقى الاحتمالان قائمان: عودة فعلية أم شائعة مدروسة، وفي الحالتين يظل السؤال الجوهري مطروحاً: هل لا يزال “قوش” مؤثراً في المشهد، في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية الراهنة؟

*_إذا كانــت الزيـــارة حقيقـــة واقعـــــة_ ؟*

▪️إذا صحت الرواية التي تقول إن الفريق أول “قوش” قد عاد فعلاً إلى السودان، وبقي في بورتسودان لعدة أيام وسط تكتم شديد، فإن هذا يحمل عدة دلالات مهمة *منها* :

• العودة في هذا التوقيت تُفسَّر بأنها جزء من ترتيبات تتجاوز الطابع الشخصي، وربما تكون متصلة بملفات أمنية حساسة أو بتفاهمات مع القيادة العسكرية والسياسية الراهنة.

• التكتم الإعلامي حول الزيارة – رغم تسريبات محسوبة – يشير إلى حساسية الخطوة وتوقيتها، وإلى رغبة الأطراف المعنية في اختبار الرأي العام دون إعلان صريح.

عمار العركي: قوش بين شائعات الحاضر وحقائق الماضي.. عودة مدروسة أم مجرد شائعة؟

• “قوش” كرقم لا يزال قائماً: رغم خروجه من المشهد العلني، لم يغب تأثير قوش عن حسابات القوى الفاعلة داخلياً وخارجياً. فالرجل يملك علاقات إقليمية ودولية راسخة، واطلاعاً عميقاً على تركيبة الدولة السودانية ومراكز نفوذها.

▪️لكن في المقابل، تبقى الأسئلة الحذرة مطروحة: هل هو فعلاً محل ثقة في المعادلة الجديدة؟ وهل تتقبل البيئة السياسية والأمنية اليوم استدعاء شخصية بمثل هذا الحمل الرمزي و التاريخي الزائد ؟ *_في حال كونها شائعة مدروسة – من يقف وراءها؟ ولماذا الآن_ ؟*

▪️أما إذا كانت الأنباء المتداولة مجرد شائعة سياسية أمنية محسوبة، فإن ذلك يفتح الباب أمام تحليل نوايا مطلقيها وأهدافهم من ذلك، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به *البلاد* :

• إثارة الجدل المقصود ، بمجرد ذكر اسم قوش كفيل بإشعال الجدل في الأوساط السياسية والأمنية، لما يمثله من رمزية تتقاطع فيها الأدوار المتعددة التي لعبها خلال سنوات النظام السابق، ثم في الأيام الأخيرة التي سبقت سقوطه.

• قياس المواقف واختبار التوازنات: الشائعة قد تكون وسيلة لجسّ النبض داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية، أو حتى رسالة ضغط لأطراف داخلية أو خارجية.

• فتح مسارات تفاوض أو تحجيم: التلميح بعودة قوش ربما يُستخدم لإعادة توجيه البوصلة السياسية، سواء نحو التلويح بوجود بدائل أمنية تمتلك شبكات نفوذ، أو نحو تحجيم أطراف ترى نفسها مهيمنة على القرار حالياً.

*_من يقف وراء الشائعة؟ وما أهدافه المحتملة؟_*

▪️الجهة المرجحة لإطلاق الشائعة قد *تكون* :

• جهة داخلية من مراكز القوى تسعى لإعادة ترتيب النفوذ الأمني والسياسي بإثارة الأسماء الكبيرة.

• أو جهة خارجية حليفة سابقة “لقوش”، اختارت توقيتاً دقيقاً لإحياء اسمه ضمن لعبة الضغط وإعادة خلط الأوراق.

*الأهـــداف المحتملــــة:*

• جسّ النبض السياسي وقياس تقبل الشارع والنخبة لعودة قوش أو أي شخصية شبيهة.

• إثارة القلق داخل المؤسسات القائمة بإدخال متغير جديد ذي وزن ثقيل في حسابات الصراع والتوازن.

• توجيه رسائل ضمنية للفاعلين الدوليين والإقليميين بأن هناك أوراقاً لم تُستعمل بعد.

• تجريب ردة الفعل تمهيداً لإعادة إدخاله تدريجياً إلى المسرح السياسي أو الأمني، إذا اقتضت المعطيات.

*_البُعد الخارجي: توقيت لا يخلو من دلالات_*

▪️التوقيت الذي طُرح فيه اسم “قوش” يتقاطع مع مؤشرات واضحة على تنامي الدور الخارجي في تشكيل مستقبل الحكم في السودان. فالدفع الأخير نحو “حل مدني” برعاية دولية، وتعيين رئيس وزراء مدني بمواصفات تراعي رغبات الخارج أكثر من الداخل، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وفرض العقوبات الأمريكية، جميعها تُظهر تحولات جوهرية في المشهد السياسي.

▪️في هذا السياق، يظهر قوش كاسم لا يُستهان به لدى الفاعلين الدوليين، نظراً لفهمه العميق لعقلية المؤسسات الغربية، وخصوصاً الأمريكية، وتجربته في إدارة العلاقة معها خلال فترات حساسة. وعليه، فإن إثارة اسمه الآن قد تحمل إشارة إلى حاجة مراكز القرار – داخلياً أو خارجياً – لشخصية تجمع بين الكفاءة الأمنية والفهم المدني ، اضافة لاستيعاب المكونات المدنية السودانية والتعاطي معها ، وتستطيع مخاطبة الخارج بلغة يفهمها.

 

*خلاصـــــة القــول ومنتهــاه:*

 

▪️سواءً كانت العودة حقيقية أم شائعة، فإن مجرد طرح اسم الفريق صلاح قوش يعيد التذكير بثقل الرجل ومركزيته في مفاصل الدولة القديمة، ويضع النخبة الحاكمة أمام سؤال استراتيجي:

هل لا يزال قوش مؤثراً في المشهد؟

وهل الظروف التي صنعت قوته سابقاً لا تزال قائمة اليوم، أم تغيّرت بشكل يجعل عودته، أو مجرد استدعاء اسمه، ضرباً من الحسابات الخاطئة؟

▪️وبين واقع التأثير وتكتيك الإرباك، يبقى أن قراءة وتحليل الأسماء الوازنة في لحظات التحوّل، ليست ترفاً سياسياً، بل ضرورة أمنية واستراتيجية.

▪️سواء كان الخبر حقيقة أو شائعة، فإن مجرد تداول اسم “صلاح قوش” بهذه الطريقة، وفي هذا التوقيت، يعني أن البلاد لا تزال حبيسة أدوار لم تُحسم بعد، ولا تزال تحتفظ لنفسها بـ”أوراق” قد تُستخدم عند الضرورة، كما أن عودة مثل هذه الأسماء – ولو نظرياً – تفتح الباب أمام أسئلة كبرى حول جدوى استمرارية النُخب؟، وأزمة البدائل؟، وضيق الخيارات؟ وهي أسئلة تؤرق الحاضر وتهدد المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى