اقتصاد

غلاء الأسعار بالسودان.. تشريح الأزمة

تقرير _ تسامح نيوز

غلاء الأسعار بالسودان.. تشريح الأزمة

باعتراف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.جبريل ابراهيم ، يعيش المواطن السوداني اوضاعا اقتصادية قاسية ،بسبب ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية في كل ولايات السودان بصورة كبيرة ، بعد ان وصلت اسعار السلع ارقاما قياسية مع اختفاء معظم السلع في كثير من الاسواق ، وبالتالي بات معظم المواطنين في اوضاع وصفها مراقبون بالكارثية.

ارتفاع بعض السلع 500%

وارتفعت اسعار بعض السلع الضرورية الى اكثر من 500 % ،بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني ، بالاضافة الى زيادة اسعار الوقود ووصل سعر لتر البنزين في ولاية نهر النيل نحو3086 الف جنيها ، فضلا عن استمرار الحرب بين مليشيا الدعم السريع والجيش السوداني في عدد من المحاور والولايات .

احجام عن البيع

ودفع ارتفاع سعر الدولار الى 2700 الف جنيها ، وكلاء الشركات الكبرى وبعض التجار إلى إغلاق محالهم التجارية، والإحجام عن البيع، خوفاً من تعرضهم لخسائر مالية، بينما اضطر آخرون إلى رفع أسعار سلعهم بشكل مباشر، في محاولة للحفاظ على توازن معدلات الربح في ظل تراجع قيمة العملة.

في وقت اشتكى مواطنون ونازحون من ولاية الخرطوم من تدهور أوضاعهم المعيشية وصعوبة توفير احتياجاتهم اليومية والاستغناء عن سلع تعد شبه ضرورية من بينها اللحوم.

ووصل سعر جوال السكر زنة 50 كيلوجرام بولاية الخرطوم إلى 170 ألف جنيه، يباع الكيلو ب4 الاف جنيه ، بينما بلغ سعر ذات الجوال بولاية نهر النيل محلية شندي 135 الف جنيه .

مع وجود ندرة في دقيق المخابز حيث ارتفع سعر جوال الدقيق بالخرطوم الى حوالى 70 الف جنيه زنه 25 كيلو مع اختفاء سلعتي العدس والارز وصل فيها جوال العدس زنة 20 كيلو الى 75 الف جنيه والارز الى 50 الف جنيه.

واوضح التجار ان ارتفاع اسعار السكر وزيوت الطعام ولبن(البودرة) والبُن والدقيق بسبب ارتفاع تكلفة الترحيل بسبب زيادة الوقود فضلا عن ارتفاع سعر الدولار بالإضافة الى الرسوم والضرائب .

وبلغ سعر جوال السكر زنة 50 كيلو 135 الف جنيه ، فيما بلغ كيلو السكر 2500 جنيها ،كيلو لبن البدرة من 9 و10الف الى 12الف ،رطل البُن من 7 الف الى 8و10الف.

وزاد سعر الخبز بعد ارتفاع سعر الدقيق ، وشرعت المخابز في بيع 8 قطع بألف جنيه بدلا عن 10 بالف جنيه .

ارتفاع دراماتيكي

وقال الخبير الاقتصادي عميد كلية الاقتصاد بجامعة السودان بروفيسور عبدالعظيم المهل في حديثه ل(تسامح نيوز) ان أسعار السلع والخدمات في الفترة الأخيرة ارتفعت بصورة دراماتيكية-على حد قوله-بيد امها اردف “حقيقة ليس هناك ارتفاع في الأسعار ولكن الجنيه السوداني كل يوم يتآكل وفقد قيمته.

فبعد أن كان حوالي 570جنيه لكل دولار صار الان 2700جنيه لكل دولار” ما عده يعني انهيارا كاملا يتطلب استقالة كل الطاقم الاقتصادي، ويرى المهل ان الغلاء لم يصل إلى الأسواق الي الان وتوقع وصوله في غضون الأيام المقبل وحينها ترتفع الأسعار بصورة أكبر من ذلك بكثير.

تراخي حكومي

والشاهد ان هنالك سبب رئيس ساهم في تفاقم زيادة الاسعار وهو التراخي الحكومي في ضبط الأسواق ومراقبة الأسعار.

ففيما يتعلق بالمخابز فقط مدير تنفيذي شندي وقف على الأمر وهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخابز التي تتلاعب في أوزان الخبز وتزيد الأسعار ، وسط صمت حكومي من بقية محليات نهر النيل والولايات الأخرى ماعدا ولاية كسلا.

محاربة تجار الازمات

ويرى مراقبون ان الأوضاع تتطلب من القائمين على الامر الوقوف على هذه الزيادة من خلال الرقابة على التجار الذين يبحثون عن تحقيق أرباح طائلة،

وتعتبر محاربة تجار الأزمات أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة ،من خلال فرض الرقابة الصارمة على الأسعار ومكافحة الممارسات الاقتصادية غير الأخلاقية.

قطع الخبير الاقتصادي د.محمد الناير ان الزيادة في أسعار السلع في السودان فاقت احتمال المستهلك بصورة كبيرة ، مؤكدا انها فاقت تحمل طاقته .

وأقر الناير بأنه معلوم في ظروف الحرب حدوث تراجع في قيمة الجنيه السوداني ، غير انه اشار الى ان الوضع غير الطبيعي ان الدولة لم تتحرك كما يجب في إيقاف هذا التراجع والتدهور في الجنيه السوداني ، ما عدّه ألقى عبء كبير جدا على المواطن السوداني

،مشيرا الى ان من اهم الأسباب الأساسية لزيادة اسعار السلع هو تراجع قيمة الجنيه السوداني الا انه هنالك سبب آخر لزيادة اسعار السلع والخدمات هو زيادة اسعار المحروقات ، لافتا الى ان قيمة المحروقات في السودان الان هي الأعلى على مستوى العالم ، واضاف انه لا توجد دولة في العالم تبيع سعر المحروقات كما في السودان .

شركات تتحكم في مصير الشعب السوداني

وانتقد الناير دور الدولة في حماية المواطن، وقال في ظل الحرب ما الذي يمنع الدولة ان تتولى مسؤلية استيراد المحروقات عبر المؤسسة السودانية للنفط كما كان الوضع في السابق وتقوم بتوزيع المحروقات للمستهلك بأسعار معقولة لافتا لامكانية بيعها بسعر أقل بنسبة 25-30%

،وانتقد ترك الدولة مسؤلية المحروقات لعدد من الشركات تتحكم في مصير الشعب السوداني ، وبرر حديثه هذا لجهة تأثير اسعار المحروقات على مجمل الأوضاع الاقتصادية فهي الان أثرت على اسعار تذاكر النقل بين الولايات وكل القطاعات الإنتاجية واثرت على تكاليف نقل السلع من بورتسودان إلى مواقع الاستهلاك او من مصر الى السودان وبالتالي تؤدي لزيادة كبيرة .

واضاف في نقده لدور الدولة في حماية المواطن وقال انه كان من الممكن تقوم باجراءات تخفف الوطأة على المواطن واكد وجود بطء كبير جدا في السياسات الاقتصادية المالي او النقدي.

 مقترحات للسيطرة على الدولار

من ناحيته قال الخبير الاقتصادي بروفيسور عمر محجوب الحسين ، ان ارتفاع اسعار السلع وندرتها مرتبط بإفرازات الحرب وتدهور سعر صرف الجنيه بصورة كبيرة وسريعة، لكن أكد في حديثه ل(تسامح نيوز) امكانية الحكومة في اجراء محاولة السيطرة على تدهور قيمة الجنيه الذى يعتبر عامل مهم في ارتفاع الاسعار، حيث يتم تسعير جميع السلع والمنتجات بسعر الدولار في السوق السوداء.

مضيفا انه تتم السيطرة على سعر صرف الجنيه من خلال توفير العملات الاجنبية بالتعاون مع الشركاء الاقليميين، واتباع سياسة نقدية مرحلية للتحكم بمعدل الربح الذي يُدفع للاقتراض قصير المدى (الاقتراض بين البنوك لتحقيق حاجاتها قصيرة المدى) أو حجم السيولة النقدية،

وتكون هذه الاجراءات عادة لتقليل والسيطرة على التضخم، ولضمان استقرار الأسعار، وتحقيق الثقة العامّة في قيمة الجنيه، وهذه الاجراءات مرتبطة بالسياسة النقدية، ايضا اتخاذ اجراءات رقابية على اسعار السلع،

وتسهيل اجراءات الاستيراد من خلال البنوك وخفض الجمارك ومنع استيراد بعض السلع الكمالية، واضاف “يمكن ان تقوم الحكومة بتأمين الطرق التجارية وحماية مخازن الحبوب في اماكن الانتاج، ومنع الاحتكار، ودعا الحكومة التعامل بواقعية مع امكانية حدوث مجاعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى