
لم يدر بخلد قائد ميليشيا الدعم السريع المتمردة محمد حمدان دقلو ، الذي اجتمع له في تاريخ السودان مالم يجتمع لغيره ، فمن رجل بسيط الي الرجل الثاني في الدولة ، حيث المال والسلاح والنفوذ ، لم يدر بخلده٦ ان كل هذا سينتهي بكل هذه السرعة .
وقديماً قيل إن أشقي الحروب هى حرب الإنسان مع نفسه، وهذا عين مافعله حمدان بنفسه ، من النعيم الي الجحيم ، ومن سعة الدنيا الي ضيقها ، من النفوذ المطلق للبحث عن النجاة بالنفس من الهلاك .
كيف حدث هذا ؟ ولماذا حدث ؟ ولمصلحة من ؟
الاجابة علي هذه الاسئلة تقودك مباشرة الي الشيطان الي (قحط) ، الم يقل رب العزة علي لسان ابليس (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) !
لقد اغوته قحط و وسوست له فأزلته ثم اخرجته .
اوهمته انه منقذ السودان وحامي التحول الديمقراطي وهو الذي لايعرف من الديمقراطية الا كونها كلمة تلوكها السن قيادات قحط وهي عنها بعيدة.
صوروا له انه اعظم من اليونانيين القدامي دعاة الديمقراطية ، واقوي من الاسكندر الاكبر ونابليون بونابرت ، وانه لن يقهر و لامحالة منتصر وبالغ للملك والحكم المطلق .
لقد اضلوه وجعلوه نداً لجيش عمره مئة عام ، و أصواتهم الان تتعالي مروجة لطرفي نزاع في السودان !
يساوون بين الجيش الوطني والميليشيا المتمردة وهم بذلك يرتكبون خطئاً جسيماً .
فهذه الاصوات حين تساوي بين الإثنين في محاولة منها لإنقاذ المتمردين ، تبلغ اعلي درجات النفاق وتضرب بشعارات الثورة المدعاة عرض الحائط .
انهم يقدمون أنفسهم علي حقيقتها ، مجموعة انتهازية صغيرة مولعة بالسلطة ولا تتورع في الوصول لها بشتي السبل ، يُصّعِدون من دعواتهم للحوار والهدنة وفي سبيل ذلك يريقون ماء وجههم تزلفاً للسراب المسمي بالمجتمع الدولي ، و حين يفعلون ذلك فانما يتمسكون بطوق النجاة الذي يتصورون انه سيعيدهم للسلطة والي الاتفاق الاطاري محل رغبتهم في الاستفراد والاستبداد .
ولكن مالذي حدث بعد كل هذا ؟
لقد جمعهم الله علي صعيد واحد ، الم يقل الله تعالي في محكم تنزيله
( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
هذه هي النهاية المنطقية ، نهاية الهلاك وبؤس المصير .
ستنتهي هذه الحرب وبنهايتها تكون موازين القوي قد استوت لما يجب ان تكون عليه ، الي كفة الجيش الوطني الركيزة التي يستند عليها الشعب السوداني ، ركيزة القوات المسلحة السودانية .
ستنهي هذه الحرب وبلادنا قد تعافت وخرج عنها الجواسيس واجهزة المخابرات التي استباحتها وانتهكت سيادتها في السنوات الاربعة السابقة .
ستنتهي هذه الحرب وقد علم شعبنا من يواليه ومن يعاديه من الدول ، من يسعي لصلاحه ومن يسعي لخرابه.
ستنتهي هذه الحرب والجيش السوداني ظافر ومنتصر ومحاط بكل هذا التقدير وكل هذه المحبة من الشعب السوداني ، فقد رأي العالم كيف وقف الشعب السوداني مع جيشه وكيف حمي ظهره .
مثل هذه الملاحم هبات ربانية يقدرها الله لتنفخ روحاً جديدة في بلادنا جيشاً وشعباً .
وهنا تجدر الاشارة الي ان هذه الحرب أظهرت موقفاً وطنياً محترماً لاهل دارفور وهو ما ينسجم مع تاريخهم الوطني الطويل الذي سطروه من لدن السلطان سليمان سولونق وحتي السلطان علي دينار والي يومنا هذا ، وهم مستحقون للثناء والتقدير من كل ابناء السودان في الشرق والوسط والشمال والجنوب فقد اتخذوا الموقف الصحيح واعلوا الوحدة الوطنية علي دعوات العنصرية والمناطقية التي انتشرت في بلادنا خلال الاربع سنوات السابقة .
لم تقف دارفور مع حميدتي فقط لانه ينحدر اجتماعياً وجغرافياً منها، ولم يوالي اهلها مليشيات الدعم السريع وهم بمثابة الامتداد والفضاء الاجتماعي لها ، لقد وقفت دارفور موقفاً كبيراً سيحفظه الناس ويذكره التاريخ .
يبقي التحدي امامنا هو كيف نحول محنة الحرب وبشاعتها هذه الي فرصة للانطلاق نحو النهضة ، كيف نخرج منها اقوياء وكيف نستفيد من الفرص الاقتصادية الهائلة التي تتمتع بها بلادنا ؟
لقد نهضت كل من اليابان والمانيا عقب الحرب ، ونهضت كذلك الهند بعد عدة حروب وغيرها كثير من الدول، وفي افريقيا تظل تجربة النهضة الرواندية بعد خوضها حرباً داخلية طاحنة قضت علي اكثر من مليون مواطن رواندي اقوي دليل وافضل تجربة يمكن استلهامها .
كل هذه الدول رفعت من مستوي المعيشة لمواطنيها وضاعفت صادراتها وحققت معدلات نمو كبيرة واصبحت من اقوي الاقتصاديات .
من اجل ذلك يقع علي كل السودانيين دور كبير لمخالفة العادات المقعدة والسمو علي الصغائر والتطلع للمستقبل والاستعداد للعمل والانتاج والتوافق السياسي والاجتماعي .