قراءة مستقبلية للعلاقات الاقتصادية السودانية الألمانية: التحديات والفرص بعد ملتقى برلين 2025
متابعات -تسامح نيوز

قراءة مستقبلية للعلاقات الاقتصادية السودانية الألمانية: التحديات والفرص بعد ملتقى برلين 2025
بقلم : احمد حسن الفادني
تناولت بعض المواقع الالكترونية خبر متناقل عن وكالة السودان للانباء (سونا) مفاده مشاركة السودان في الملتقى العربي الالماني للاستثمار، حيث تمثلت مشاركة السودان في الدورة 28 لملتقى الأعمال الألماني العربي في برلين (19-21 مايو 2025) خطوة جديدة ومهمة في سياق إعادة دمج السودان في الاقتصاد الإقليمي والدولي بعد سنوات من العزلة والتعافي من تداعيات الحرب.
جاءت المشاركة السودانية، التي تضمت وفدا رسميا واقتصاديا عالي المستوى من وفود حكومية ورجال اعمال ، فتحت افاقا جديدة لعلاقات اقتصادية سودانية ألمانية أكثر تناسقا. ومن هنا نسعى ونجتهد لتحليل أبعاد هذه المشاركة مع قراءة مستقبل العلاقات الثنائية في ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية التي طرأت بالبلاد .
أولا: دلالات المشاركة السودانية
تأتي هذه المشاركة بعد انقطاع دام عدة سنوات، ما يعكس رغبة الحكومة السودانية في إعادة بناء الثقة مع الشركاء الأوروبيين واستقطاب رؤوس الأموال والتكنولوجيا. وتمثل هذه العودة رسالة قوية و إيجابية للمجتمع الدولي ان هنالك استقرار في الأوضاع السياسية والاقتصادية بالسودان، والسعي نحو إصلاح بيئة الاستثمار.
ثانياً: فرص التعاون الاقتصادي السوداني الألماني:
1. القطاعات الجاذبة: قدم الوفد السوداني عروضا وافية عن الفرص الاستثمارية في قطاعات الطاقة المتجددة، الزراعة، التعدين، البنى التحتية، والاتصالات. حيث تأتي المانيا، كقوة صناعية متقدمةوشريك محتمل في نقل التكنولوجيا وتطوير هذه القطاعات الاستراتيجية المهمة.
2. الاهتمام الألماني المتنامي بأفريقيا: بحيث يشكل السودان موقعا استراتيجيا للانخراط الألماني في شرق أفريقيا. وهنا ترتفع اهمية السودان في ظل التوجه الأوروبي الحالي لتنويع مصادر الطاقة والمعادن النادرة، إلى جانب البحث عن أسواق ناشئة ومستقرة نسبيا لتنشيط التجارة الخارجية و الاسواق بعد ما حدث اضمحلال اقتصادي لاسواقهم الداخلية.
3. زيارة مرتقبة: الاتفاق على زيارة وفد مشترك ألماني للسودان نهاية العام 2025 يعد فرصة ذهبية لإقامة شراكات مباشرة ومراجعة بيئة الأعمال على الأرض و بصورة مباشرة .
ثالثا: التحديات أمام التعاون الثنائي السوداني الالماني :
1. عدم الاستقرار السياسي والأمني: لا تزال البيئة السياسية السودانية في طور التشكل بعد الحرب،وهو ما قد يثير تردد المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل غياب حكومة مستقرة وموثوقة بشكل كامل الا ان يحدد السيد رئيس الوزراء الجديد ملامح حكومته القادمة و يحدث لها توافق داخلي وخارجي.
2. إصلاحات بيئة الاستثمار: رغم الجهود المبذولة لتطوير الأطر القانونية والمؤسسية، إلا أن السودان يحتاج إلى إصلاحات هيكلية في قوانين العمل، الضرائب، والتأمينات، إضافة إلى تفعيل نظام التحكيم التجاري وفض المنازعات.
3. ضعف البنية التحتية والتمويل:يعد ضعف البنية التحتية، خصوصا في الكهرباء والنقل والاتصالات، أحد أبرز التحديات التي تواجه الاستثمارات الخارجية عموما وخاصة الاستثمارات الألمانية المحتملة،
إضافة إلى محدودية التمويل المحلي وغياب الضمانات الاستثمارية الكافية و العمل على إنشاء الصندوق السيادي للاستثمار حيث بقيام الصندوق تضمن الاستثمارات الخارجية سهولة دخول الاستثمارات وخروجها بضمانات حكومية ذات التزامات سيادية حتى يتم زرع الثقة بين المستثمر و الحكومة. .
رابعا: افاق مستقبلية وخطط واقعية:
1. المدى القصير (2025-2027):من المتوقع أن تتركز العلاقات على التفاهمات المبدئية، تبادل الزيارات، وتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات التدريب، الطاقة، والقطاع الزراعي.
2. المدى المتوسط (2027-2030):في حال تحقق قدر كافي من الاستقرار السياسي وتحسن بيئة الأعمال، فإن الاستثمارات الألمانية و غيرها يمكن أن تتوسع في مشاريع الطاقة الشمسية، الصناعات التحويلية الزراعية، وتحديث الموانئ والنقل.
3. المدى الطويل (بعد 2030): يمكن أن تتحول العلاقة إلى شراكة استراتيجية طويلة الأمد، خاصة إذا تبنى السودان نموذجاً تنمويا شاملا واستثمر في التعليم الفني والبنية التحتية وخلق حوافز للاستثمار الأجنبي المباشر.
خامسا: توصيات للجانب السوداني
1. إنشاء وحدة تنسيقية خاصة بالتعاون الاقتصادي الألماني في وزارة الاستثمار.
2. تطوير خارطة استثمارية تفاعلية باللغة الألمانية.
3. تسريع المصادقة على قانون الاستثمار الجديد وتطبيقه بفعالية.
4. إقامة شراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث الألمانية لتعزيز الابتكار في القطاعات الإنتاجية.
ونجد ان ملخص مشاركة السودان في ملتقى الأعمال الألماني العربي 2025 تمثل نقطة انطلاق حقيقية لإعادة تعريف العلاقات الاقتصادية السودانية الألمانية. ورغم التحديات الكبيرة، إلا أن الفرص المتاحة واعدة. ويتوقف النجاح على قدرة السودان على تنفيذ إصلاحات جوهرية وجذب شراكات استراتيجية قائمة على الثقة والوضوح والمصالح المتبادلة تضمن سيادة البلاد وحقوق الشعب.
(نقطة الضوء في الظلام نور يهدي الى الطريق)