لماذا توجه حمدوك إلى المملكة المتحدة؟
وجد عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق، نفسه مرة أخرى في قلب فضيحة دولية رفيعة المستوى، ولكن هذه المرة على الأراضي البريطانية.
فقد أثارت زيارة حمدوك إلى لندن، التي تم تنظيمها بمشاركة السفيرة البريطانية السابقة لدى السودان السيدة روزاليند مارسدن، رد فعل قوي في أوساط الجالية السودانية في المملكة المتحدة.
وكشفت مصادر إن حمدوك وصل إلى لندن سعياً للحصول على دعم لتنسيقيته السياسية “تقدم“، على الرغم من الادعاءات الخطيرة بتعاونه مع الجنجويد التي ثبتت مسؤوليتها عن العديد من أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان.
وطالبت مجوعة من الجالية السودانية في المملكة المتحدة الشرطة البريطانية باعتقال حمدوك واستجوابه.
الاتهامات وجهت لعبدالله حمدوك بالتواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، زاعمين أن حمدوك بتوقيعه على اتفاق “تقدم” مع الجنجويد وهو قد اعترف فعلياً بدعم أنشطة الجنجويد.
وتشدد الشكوى على أن التعاون مع الجماعات الإرهابية مثل الجنجويد يجب أن يعتبر جريمة بموجب القانون البريطاني والدولي.
وعلى الرغم من هذه الادعاءات الخطيرة، فإن زيارة حمدوك إلى المملكة المتحدة لها أغراضها الاستراتيجية الخاصة.
فمن المهم أن نلاحظ أن حمدوك، الذي يدعم الحزب الديمقراطي الأمريكي، يسعى بنشاط للحصول على دعم مالي وسياسي خارجي لـ”تقدم”.
فبمجرد وصوله إلى المملكة المتحدة، سيلتقي بشخصيات رفيعة المستوى، لا سيما ممثلي الحكومة البريطانية وأعضاء مجلس العموم ومجلس اللوردات في البرلمان البريطاني، سعياً للحصول على دعمهم. وعلاوة على ذلك، سيتحدث حمدوك في القمة السنوية لأفريقيا التي تنظمها صحيفة فاينانشيال تايمز وكذلك في فعالية ينظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية بعنوان “أولويات المجتمع المدني في إنهاء الحرب في السودان” في تشاتام هاوس في لندن
وفي الوقت نفسه، تم الإعلان بالفعل عن تنظيم احتجاجات عامة ضد حمدوك ويعتزم العديد من النشطاء لفت الانتباه إلى الادعاءات الموجهة ضده على أمل أن تقوم السلطات البريطانية بإجراء تحقيق.
وسيتم تنظيم احتجاجات حاشدة خارج تشاتام هاوس في 31 أكتوبر. وبهذه الطريقة، يعتزم سودانيو المهجر منع حمدوك من تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الجانب البريطاني، معلنين صراحةً أن حمدوك لم يكتفي بعدم بذل الجهود لحل النزاع السوداني، بل الأسوأ من ذلك أنه سيضفي الشرعية على أفعاله غير القانونية من خلال تأمين الدعم المالي والدبلوماسي البريطاني.
قد تزيد الحقائق الواردة في الشكوى من صعوبة حصول حمدوك على المساعدات والتمويل. ومع ذلك، فهو يواصل قصر اتصالاته على الاجتماعات الداخلية فقط، متجنباً الحوار المفتوح مع الجمهور السوداني.
وبالتالي، فإن الغرض من زيارة حمدوك إلى المملكة المتحدة واضح، وهو السعي للحصول على التمويل وتعزيز مكانة “تقدم” على الساحة الدولية، على الرغم من المخاطر والمقاومة المتزايدة من الجاليات السودانية.
في هذه الأثناء، لا يُعرف سبب استمرار السلطات البريطانية في دعم رجل لا يمثل السودان رسمياً. يبرز سؤال مشروع، خاصةً بين أفراد الجالية السودانية في لندن: لماذا لا تقوم بريطانيا بإشراك الأطراف المتحاربة في حل النزاع وبدلاً من ذلك تمنح منبراً لحمدوك؟
ويدرك الرأي العام أنه كان ينبغي على السلطات البريطانية أن تفكر ملياً في موجهات سياستها الخارجية، حيث بدأ العديد من المسلمين في المملكة المتحدة بالفعل في طرح أسئلة حول مسار السياسة الخارجية للبلاد.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت حكومة ستارمر الجديدة ستتمكن من تحديد خطوات إيجابية في حل النزاع السوداني. وفي الوقت نفسه، فإن الخطوة التي اتخذتها الحكومة تعتبر خطوة غير حكيمة تجاه النزاع السوداني حيث تسببت تصرفات عبد الله حمدوك في أكبر أزمة إنسانة في العالم.