ثبتوا حتى تسرب الصبر من بين أيديهم ومن حدقات عيونهم، وأزهقوا أرواحهم حتى لم يبق بينهم حي.. وجرت دماؤهم تسقي أرضهم وأراض ليست لهم.. وأوقدوا أصابعهم تحت الشمس سنابلْ للناس والطير وما أكلوا.. ومات أطفالهم في الحرب ووقت اللعب، وشبابهم في الميادين وتحت دُورهم، ونُهبوا في الطريق وفي البنوك وتحت مناجم الأرض.. وظلوا.. واقفين تُتبِعهم الريحُ والفيضان الحربَ والقتال، وفي أخف الأقدار يستيقظون من بعد عمل دؤوب على مال منهوب ثم مجاعة لا ترحم.. وما برحوا.. متشبثين بأرض لم تدفع لهم غير مزيد من التضحية والخسارة.. وأيام من الفقر والحاجة، وأحزاب تدفع بهم لمعارك لا صلاح لهم بها.. لكن شموخا ضاربا في الأصل لا يجتثه أحد.. يدفعهم لانتظار الحرب التالية، دون أن يسألوا متى نصر الله.. لأنهم اعتادوا من العزم.. ما لا يجدي معه فرح ولا راحة.. ولا حتى غٍنى.
