المقالات

محجوب فضل : أحلام جنجويدی مزنوق !! (١)

الخرطوم _ تسامح نيوز

محجوب فضل : أحلام جنجويدی مزنوق !! (١)

كان هاٸماً فی الفلوات،علی الحدود،فلا خيل عنده،ولا إبِل ،ولا زوجة ولا بيت ،ولا دين له ولا أخلاق،ولا يحمل إثبات شخصية ولا جنسية أی دولة،وبينما كان يتسكع بالقرب من (راكوبة) تُسَمَّیٰ مجازاً كافتيريا !!فی الخلاء علی طريق العربات التجارية والبصات السفرية.

مَرَّ بالقرب منه شخص لا يعرفه، ودعاه إلیٰ الجلوس بقرب (ست الشای) ليشرب له ( كباية شاهی) فلم يصدق أذنيه،وسارع إلیٰ قبول الدعوة،التی إنتهت إلیٰ إقتناعه بالطرح الذی وجده من هذا الشخص العابر،وبدا له بأن ليلة القدر قد نزلت عليه،وهو الذی لم يسجد لله يوماً !! ولا يعرف الوضوء ولا الإستحمام ناهيك عن الإغتسال !!

فالعرض الذی تلقَّاه ممَّا يسيل له اللعاب،وهو التجنيد فی قوات الدعم السريع والحصول علی الرقم الوطنی السودانی والبطاقة الشخصية ومن ثمًّ السفر للسعودية بالطاٸرة،للمشاركة فی حرب اليمن،والماهية بالريال السعودی !! .

يا للهول يركب الطاٸرة دفعة واحدة وهو الذی لم يركب (عربية) فی حياته !! قال فی نفسه ياها ليلة دی القَدُر البيقولوها !! وسرح به الخيال فبعد العودة (سيركب الحديد بوكسی،وترضی به أم قرون،وتغنی له الحكَّامة) !!وسيحمل الجنسية !!

بدأت رحلة الأحلام بركوبه شاحنة للأغنام شقت به الوهاد والوديان والصحاریٰ،إلی أم درمان،فسأل رفاقه،(دِی دِی السعودية، ولَّا كَوْ؟) وأدخل فی معسكر للدعم السريع ولبس وللمرة الأولیٰ فی حياته البنطلون والقميص،وتعلم ضرب السلاح فقد كان قبلها لا يملك إلَّا سفروكاً،صنعه بنفسه،وسكين ضُراع صدٸه،لا تصلح لقطع بطيخة !!

لكن وجد أكثر رفاقه فی المعسكر من معتادی الإجرام،ومرتادی السجون،وبعضهم من بلدان مختلفة يتكلمون بلجهات لا يعرفها،وبينما هو كذلك صدرت لهم الأوامر بالإستعداد للهجوم لإستلام الخرطوم !! وأی بيت تدخله حقَّك،وأی عربية تغنمها حقَّتك،وأی بت تخطفها حلالك.

فسأل زميل له فی المعسكر (الخرتوم دی يين؟) فجاءه الرد (الخرتوم دی مُقْطع البحر من هِنِی) وأشار بيده فی إتجاه الشرق حيث الخرطوم بحری !! وما إن أصبح فی يوم الحرب حتی وجد نفسه منساقاً وراء أحلامه،وقد إمتلأ بالحماس،وهجم مع المرتزقة واللصوص، فدخل إلیٰ أحد المنازل،وقتل كل من وجده أمامه، واستباح البيت.

وتعجب كيف هی الحمامات،وكيف يقضی الناس حاجتهم فی هذا (الكلول الأبيض النضيف!!) وله العذر لأنه لم يشاهد فی حياته مقعد حمام أفرنجی،فقد كان الحمام البلدی فی المعسكر محل دهشته !! وقضی عدة أسابيع وهو يطلب من زملاٸه أن يلتقطوا له الصُوَر من زوايا مختلفة،قبل أن يتعلم تصوير نفسه ذاتياً (سلفی) بالتلفون الذی غنمه من نفس المنزل۔
وتتواصل الأحلام !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى