محجوب فضل بدري يكتب : من حَكَايا التَّكايا
-التَّكايا جمع تكيِّة وهی ملاذ الفقراء
وهی من(التكأة)كما جاء فی قاموس
(اللهجة العامِّية فی السودان) لبروف عون الشريف قاسم،كانت التكايا تقام فی مقامات المشاٸخ أهل الذكر وينتفع بها وفيها الحيران والأحباب،
ومن أجمل ما سمعت فی هذا الشأن من الشيخ عبد الله البدری أن الشيخ البدری الكبير،(والده) رحمهما الله، كان قد سافر من بربر قاصداّ السيّد محمد علی العجيمی بالبَرْصَة،ووصل بعد شهر إلیٰ كريمة،وقضی ليلته فيها وتحرك بمعية مضيفه من كريمة إلیٰ البرصة،والتی وصلها علی موعد وجبة الإفطار،ورحب بهما السيِّد العجيمی، ونادیٰ:-ياولد جيبوا الفطور
يقول الشيخ البدری:جابوا الفطور قدح كبير مليان لحم،وقدح كبير مليان قراصة بملاح بامية مفروكة، وقدح كبير مليان طماطم وعجور وجرجير وبصل وليمون،فقلت فی نفسی،والحديث للشيخ البدری،هسی
ده السيَّد الأنا قطعت ليهو السفرة دی كلها،يأكل قدر ده !! ثمَّ أكلنا من الأكل شوية كده، والسيد أكل أقلَّ مننا، ونادیٰ:ياولد تعال شيل الفطور ده وديهو للفقراء،وكأنه قرأ ما جال فی خاطر ضيفه الشيخ البدری !!
-ثم إلتفت السيِّد العجيمی للشيخ البدری وقال له:ياضيفنا، لو قلنا ودُّوا الفطور للفقراء، يودوا ليهم أكل أیِّ كلام،ولو قلنا جيبوا الفطور، للسيِّد يجيبوا جنس الأكل الشفتو ده،نأكل شوية منه،والباقی للفقراء،مِنُّو ياكلوا
ومِنُّو يتبركوا، ثمَّ إستشهد بقوله تعالیٰ: ﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ﴾لله درهم من رجال٠
وكانت تكية السيد العجيمی ولاتزال تُٶِی الفقراء والأحباب والمريدين من كل أنحاء السودان،والتكايا فی بلدنا لاتُحصیٰ ولا تُعَد،وان كان ذكرها قد خَفَت فی السنوات الأخيرة،حتیٰ إندلعت الحرب وبكل مافيها من سوءات إلَّا إن لها حسنات،
ومنها إنَّها أحيت ما كاد أن يندثر من مآثر تلك التكايا،والآن قامت تكايا فی كل حی من أحياء المدن والقریٰ حتی تلك التی طالتها نيران الحرب،وابرزت قيم التكافل والتعاضد،تلك القيَم التی لن تستطيع محوها المليشيا المتمردة وأعوانهم السفلة الخونة الذين يريدون ضرب منظومة القِيَم والأخلاق،فأحْيَوْهَا من حيث يريدون طمسها فهوية الشعب السودانی الذی يحب لأخيه ما يحبه لنفسه،
مجبولة علی فعل الخير لمن يعرفون ومن لايعرفون،أرأيتم كيف تمكَّن الأغراب من أرض الجزيرة الممتلٸة عن آخرها بالكنابی التی يقطنها كل من لا صلة له بأرض السودان وشعب السودان؟ كانت الجزيرة برمتها تكية كبيرة إمتلأت عن آخرها بأولٸك الأوغاد فنسوا المعروف والإحسان لأن الخِسة والدناءة والجبن،مركوز فی دواخلهم المريضة !!
-ما إن دخلت المليشيا المجرمة أرض المحنَّة والمحبَّة والخير أرض
الجزيرة المعطاءة،حتَّیٰ إنحاز لها أهل الكنابی، وعَضُّوا اليد التی أطعمتهم،ونهبوا ممتلكات كل من آواهم وكان مَثَلَهم مَثَلَ(جرو الذٸب) الذی ربَّته إمرأة فی بيتها وكانت تسقيه من لبن الشاة الوحيدة التی تملكها،فلما كبُر الذٸب إفترس الشاة،
فقالت المرأة:-
بقرتَ شويهتی وفجعتَ قلبی
وأنت لشاتِنا ولدٌ ربيبُ
غذيتَ بدرِّها وربيتَ فينا
فمن أنباكَ أن أباكَ ذيبُ
إذا كان الطباع طباع سوءٍ
فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ٠
بٸس القوم هم وبٸست الأخلاق أخلاقهم !! تانی ما بيلقوها عندنا!!!
و(البِتَوَرِّيك لی زَمَانَكْ سَمْحَة)
-حيا الله كل من قدم لقمة طعام أو جرعة ماء أو حبة دواء،أو قطعة ملابس أو إبتسامة أو كلمة طيبة أو دعاء صادق لأی إنسان،فی زمن قلَّ فيه الوفاء وتقلصت مساحات الحب، والعطاء والإنسانية،
وعاشت التكايا ملاذاً للمحتاجين،وتقبل الله من الجميع٠
-النصر لجيشنا
-العزة والمنعة لشعبنا
-الخزی والعار لأعداٸنا ومن عاونهم ولدويلة mbz أو wuz۔
والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء٠