برلمان القراء

محمد العركي :خطبة حجة الوداع وعالم اليوم

الخرطوم _ تسامح نيوز

حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة في العام العاشر من ومن أعظم المشاهد كانت خطبة حجة الوداع والتي أوردها أصحاب الصحاح في كتبهم وما تزال أنوارها سارية منذ ذلك المشهد وستظل حتى قيام الساعة ونحتاج دوماً ان نقف عندها بتأمل فقد حوت واشتملت على مرتكزات صلاح الفرد والاسرة والجماعة والأمة بل والإنسانية

فبدأت بالأساس وهو التذكير بتقوى الله تعالى ثم حرمة الدماء والاعراض واداء الامانات:(أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها).

لتمضي الخطبة بالحديث عن الاقتصاد وقضية الربا التي بسببها تأتي الازمات المالية المتعاقبة: (وإن ربا الجاهلية موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقضى الله أنه لا ربا. وإن أول ربا أبدأ به عمي العباس بن عبد المطلب.)

والمرأة وحقوقها كانتا حضورا في المشهد حتى لا يظننن ظان ان حقوق المرأة أمر حديث التكوين: (أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق. لكم ألا يواطئن فرشهم غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح .

فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً – ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).

ومن ثم أبان صلى الله عليه وسلم معيار المفاضلة الحق فما فرق الناس اليوم الا العنصرية البغيضة: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب وان أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت…. اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب.).

وأسست للحقوق بين افراد الاسرة الواحدة فكان الحديث عن الميراث الذي تزدحم بسببه المحاكم الشرعية في البلدان الإسلامية (أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل).

وختاماً: فعالم اليوم يحتاج أكثر ما يحتاج لهذه الخطبة النبوية ففيها البلسم والعلاج لأمهات مشاكل المسلمين وغيرهم، فما احوجنا لمراجعتها دوماً ففيها قيم السلم الاجتماعي وحفظ الحقوق بين الناس والبعد عن الغبن في شأن الاقتصاد.

بتجنب الربا وتكريم للمرأة ومكانتها في هذا الدين الإسلامي وبسط قيم العدل والمساواة وفق منظور الشرع الحنيف وصولاً لنقطة البناء الرئيس وهي الاسرة بحفظ الحقوق بين افرادها في قضايا الميراث.

محمد يوسف العركي

باحث في استراتيجيات المعرفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى