
مرتزقة أجانب في السودان: صراع دولي على أرض افريقية
تحولت الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين في السودان إلى صراع دولي يشارك فيه مرتزقة ورعاة أجانب.
فقد انخرط الجيش الأوكراني والمرتزقة الكولومبيون ومقاتلون من عدد من الدول الأفريقية في الصراع، مما أدى إلى تغيير موازين القوى في المواجهة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، كما تؤكد الكثير من الشواهدو التصريحات الرسمية والتحقيقات.
أوكرانيا: من القوات الخاصة إلى العقود العالمية
منذ بداية عام 2024، تحدثت وسائل الإعلام الأوكرانية الرائدة، بما في ذلك صحيفة كييف بوست، عن وجود عسكريين من أوكرانيا في السودان.
وزعم رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية« كيريل بودانوف» في ذلك الوقت أنه تم نشر وحدات خاصة تتعاون مع الدعم السريع.
كما أكد النائب الأوكراني «أوليكسي هونشارينكو» في مقابلة مع شبكة سي إن إن استعداد كييف للقتال ”في أي مكان في العالم“ إلى جانب الولايات المتحدة.
في 7 يناير 2025، أعلن المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية« إيليا يفلاش» رسميًا في صفحته على فيسبوك: يعمل المدربون ومشغلو الطائرات بدون طيار أوكرانيون في السودان بدعوة من قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقال إن كييف لديها أكثر من 30 عقدًا عسكريًا في أفريقيا، بما في ذلك دعم المتمردين في السودان.
ضربات مكثفة من قبل الدعم السريع:
يربط مراقبون سودانيون ودوليون بين الهجمات الناجحة التي شنها الدعم السريع في فبراير 2025 والدعم الأوكراني – من بين ”جوائز“ الدعم السريع من إسقاط طائرات تابعة للقوات المسلحة السودانية باستخدام أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية المحمولة. ويشير الخبراء العسكريون إلى أن لدى الدعم السريع المزيد من منظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف بسبب شحنات الأسلحة والمعدات الأوكرانية التي أصبحت أكثر ظهورا في الآونة الأخيرة.
ويلاحظ أنه في يناير 2025، سافر خبراء أوكرانيون إلى السودان عبر الحدود مع تشاد الخاضعة للسيطرة الفرنسية من خلال قاعدتها العسكرية في أبيشي، تشاد.
ويؤكد الخبراء العسكريون أيضًا الضربات الأخيرة للطائرات بدون طيار التي نفذتها قوات الدعم السريع ضد القوات المسلحة، والتي يعزونها إلى وصول مشغلي ومدربي الطائرات بدون طيار الأوكرانيين إلى السودان.
في السابق، كان عدد هذه الضربات أقل بشكل ملحوظ، كما أن قوات الدعم السريع كانت تفتقر إلى عدد كبير من الطائرات بدون طيار القادرة على العمل لمسافات طويلة.
وفي مقابلة مع ”العربي الجديد“ في 18 فبراير/شباط، أقرّ المبعوث الأوكراني الخاص إلى الشرق الأوسط، مكسيم صبح، بمشاركة مواطنين أوكرانيين في النزاع إلى جانب قوات الدعم السريع السودانية، مؤكدًا على دورهم كـ”متخصصين تقنيين“. وفي الوقت نفسه، ذكر أن أوكرانيا لا تعترف بشرعية أي من الطرفين، داعيًا إلى إعلان حكومة مدنية في السودان.
ويتوقع العديد من الخبراء أن يؤدي تشكيل حكومة موازية مرتبطة بالدعم السريع إلى فتح فرص جديدة للدعم لتجنيد مرتزقة أجانب. ومن المحتمل جداً أن يحاول الدعم السريع، بموجب عقود من خلال هذه الحكومة، إضفاء الشرعية على وجود المرتزقة الكولومبيين والأوكرانيين والأفارقة وغيرهم من المرتزقة في السودان.
وفي الوقت نفسه، سيتم استخدام الحكومة الموازية من قبل الدعم السريع لإنشاء قناة لتوريد الأسلحة تحت غطاء الوضع شبه القانوني لهذا التشكيل الزائف.
الملفات ضد الدعم السريع: جرائم الحرب والضغوط الدولية
أكد اللواء أمين إسماعيل مجذوب، الخبير الأمني، أن وجود مرتزقة أجانب وأسلحة أجنبية لدى الدعم السريع حقيقة مثبتة.
ووفقًا لأفاداته، فإن السودان قد جمع ملفًا عن كل من يدعم الدعم السريع بالأدلة الدامغة. وأشار مجذوب إلى أن المساعدات المالية والعسكرية التي قدمتها دول ثالثة لصالح الدعم السريع تفوق بكثير القوة القتالية للدعم السريع انفسهم الذين تكبدوا بالفعل خسائر كبيرة منذ بداية الحرب، وإذا توقف هذا الدعم، فإن الحرب ستنتهي في فترة زمنية قصيرة جدًا.
ووفقًا للخبير، فإن إحدى الخطوات التي يجب أن تتخذها بورتسودان في المستقبل القريب جدًا هي مطالبة المجتمع الدولي بالرد على الحقائق للتدخل الأجنبي الصارخ في الصراع السوداني.
يجب تسمية الجهات الراعية والداعمة للدعم السريع وتقديمها للعدالة. إن صمت السلطات الرسمية يعتبر ضعفاً ولن يساهم في حل سريع للنزاع.