مزارعون: انهيار وشيك للقطاع الزراعي

الخرطوم – تسامح
أكد مزارعون ومهتمون بالشأن الزراعي أن نسبة التحضير للموسم الصيفي لاتتعدى 3٪ كما أن 90٪ من المزارعين معسرون ورسموا صورة محبطة للتحضير للموسم الزراعي الصيفي. وأشاروا في حديث لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق إلى أن أي مزارع يقرر الزراعة الآن هي بمثابة قفزة في الظلام، موضحا أن محاصيل العروة الصيفية والشتوية للعام السابق مازالت بطرف المزارعين وليس هناك أي التزام من الدولة رغم الجهود الكبيرة التي بذلها المزارعون في الموسم السابق. وقال الأمين العام لتجمع مزارعي الجزيرة والمناقل المزارع أحمد بابكر إن التحضيرات للموسم الصيفي تمر بصعوبات كثيرة لعدم توفر التمويل. وأشار إلى أن هناك أخطاء حكومية جسيمة أدت لتدني إنتاجية القمح للموسم الشتوي الماضي بالإضافة إلى عدم التزام الدولة بالأسعار التاشيرية للقمح والقطن وعدم حفر قنوات الري وتوفير المدخلات في مواعيدها وتأخر الأسمدة، واصفا ما حدث في الموسم الماضي بالكارثة التي يجب أن تتحملها الحكومة الانتقالية، مضيفا أن المزارعين الآن يعانون لسداد ديون البنك الزراعي ويبيعون القمح بأقل من 30 ألف جنيه في حين أن السعر التأشيري للدولة 43 ألف جنيه. ونوه إلى تهرب الدولة في استلام القطن والقمح من المزارعين، لافتا أن السبب الرئيس لما يحدث الآن هي سياسات وزارة المالية التي فرضتها روشتة البنك الدولي برفع الدعم الذي انتهجته الحكومة الانتقالية. وأضاف أن الجازولين ارتفع من 900 جنيه إلى 180 ألف جنيه، مبينا أن تكاليف الزراعة ارتفعت بصورة كبيرة وهناك تدن كبير في إنتاجية الفدان وإذا استمر الوضع بهذه الصورة لن تكون هنالك زراعة وسيهاجر كل مزارعي الجزيرة للخرطوم لممارسة الاعمال الهامشية. وأشار إلى توقف تمويل البنك الزراعي لمدخلات الإنتاج منذ 5 سنوات، لافتا إلى أن البنك على شفا الإفلاس لأن الزراعة نشاط اقتصادي يجب إبعادها تماما عن السياسة. فيما أوضح المزارع بالقطاع المطري بمحلية الدالي والمزموم بولاية سنار الجيلي الشيخ البشير أن الموسم الزراعي الماضي كان به عدد من الكوارث الطبيعية والحكومية، حيث تأخر التمويل وارتفعت أسعار الجازولين إلى أسعار خرافية بسبب رفع الدعم أن معظم المزارعين مدينون للبنك الزراعي، وبعضهم ترك زراعته للمواشي بسبب ارتفاع تكاليف الحصاد وقلة الأمطار. وقال إن التحضير للموسم الصيفي (زيرو) بسبب التكاليف العالية وضعف الإنتاج في الموسم السابق والمديونيات الكبيرة للمزارعين، موضحا أن 90٪ من المزارعين معسرون، منوها إلى أن المزارعين سوف يعزفون عن الزراعة هذا الموسم إذا لم يتوفر الجازولين وجدولة الديون من البنك الزراعي. بدوره، قال مدير إدارة التمويل بالبنك الزراعي صالح محمد صالح إن إمكانيات البنك الزراعي قلت بسبب التضخم وشح الموارد، وبلغت نسبة التعسر داخل البنك أكثر من 40٪ مقارنة بـ 2.6٪ العام الماضي. وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق إلى أن هناك خللاً في التمويل داخل البنك الزراعي بسبب التضخم، حيث كان تمويل الموسم الزراعي 2016 نحو 5 مليارات جنيه فقط لمساحات 8 ملايين فدان وموسم 2018 نحو 11 مليار جنيه، وفي موسم 2019 وصل إلى 19 مليار جنيه، بينما قفز التمويل في موسم 2021م إلى 90 مليار جنيه، كل ذلك بسبب التضخم الذي تعاني منه الدولة. وتوقع أن يصل تمويل الموسم الزراعي القادم إلى 214 ـ 220 مليار جنيه سوداني، مبينا أن المساحة التأشيرية لوزارة الزراعة نحو 63 مليون فدان البنك الزراعي سيمول 8 ملايين فدان فقط. وأقر بتوقف تمويل مدخلات الإنتاج بسبب التضخم. وقال: “إذا مولنا مزارعاً لشراء تراكتور لمدة 5 سنوات عند إرجاع التمويل للبنك القروش ما بتشتري عجلة تراكتور”، مؤكدا أن رأس مال البنك الزراعي حاليا 8 مليارات، موضحا أن الدولة التزمت بضخ 125 مليار لرفع رأس مال البنك الزراعي، ولكن ذلك لم يحدث بسبب ضعف إمكانيات الدولة. وأشار إلى فشل المحفظة التي كونت في السابق للسماد وتدخل البنك الزراعي لحل الإشكالية. وقال إن وزارة المالية التزمت بتوفير السماد للموسم الصيفي، معلنا وصول 25 ألف طن إلى ميناء بورتسودان والموسم يحتاج إلى أكثر من 90 ألف طن من سماد اليوريا والداب. وكشف عن تطور كبير في الخدمات الإلكترونية للبنك الزراعي، متوقعا دخول الموبايل المصرفي في الأيام المقبلة وتوقع تدخل الدولة وضخ أموال للبنك الزراعي لتمويل الموسم الصيفي. وأوضح الصحفي المتخصص في الشأن الزراعي أيوب السليك أن كل السياسات التي اتبعتها الحكومة الانتقالية في القطاع الزراعي هي سياسات عشوائية ومتخبطة، مبينا أن كل ما حدث من إنتاج في المواسم السابقة كان بفضل المزارعين واجتهادهم فقط. وأشار إلى أن ما يحدث الآن في القطاع الزراعي خطير وإذا انهارت الزراعة سينهار السودان، موضحا عدم وجود اي مظاهر تحضير الموسم الصيفي الذي لم يتبق له سوى أيام قليلة. وطالب بتدخل الحكومة العاجل متمثلا في وزارة المالية لتشتري كل القمح من المزارعين حتى يتمكنوا من التحضير للموسم الجديد.