المقالات

منى أبوزيد تكتب : أحزان أم قرون..!

الخرطوم _تسامح نيوز

 

*”الذين لا يعرفون كيف يمارسون الحب يتسببون في إشعال الحرب”.. عتيق رحيمي..!*

لا بد من الإشارة إلى العلاقة الطردية المُفترضة التي تجمع بين الثقافة “بكل آدابها وفنونها” وسعة وَعْي الإنسان ورِقَّة حاشيته وطبائعه السِلميَّة وصفاته المُسالمة عند الحديث عن “النقيض” الذي تمثله العلاقة العكسية المُفترضة بينها وبين سلوكيات مليشيا الدعم السريع التي يقترفونها في هذه الحرب من قتل وتنكيل ومظاهر انعدام للقيم الإنسانية..!

الباحث والكاتب العراقي “حسين سعدون” يقول “إذا عرف الإنسان الموسيقى فمن المستحيل أن يدخل الشر إلى قلبه، ومن المستحيل أن يقوم موسيقار بإبادة مدينة”، ويشير إلى عبارة وردت على لسان أحد أبطال مسرحيات “وليم شكسبير” تقول “احذروا هذا الرجل إنه لا يعرف الموسيقي ولا يقرأ الشعر”..!

فالدماغ إذا خلا من الثقافة تحول الإنسان إلى كائن مخيف وخائف في آنٍ معاً، والموسيقي َالأغاني والروايات والقصائد هي جزء من الآداب والفنون التي تهذب النفوس وتَحُثُّ على رقة الطبائع وترتقي بالحس البشري إلى مراقي الإنسانية الحقة التي ترى الأمجاد والانتصارات في عظمة الأفعال وليس جبروت الفاعلين..!

معظم الجنجويد ومرتزقة المليشيا يُسبِغُون على جرائم القتل والنهب والسلب التي يقترفونها بعداً عاطفياً عندما ينسبونها إلى أسباب رومانسية عديل “عشان خاطر أم قرون بركب البوكسي”. والله وحده يعلم ما هي مِلَّة أم قرون التي تقبع في انتظار أن يعود إليها رجلها بحفنة غنائم قوامها عمليات سرقة وحرابة، وكيف يمكن لها أن تفخر بانتسابها الأسري أو انتمائها العاطفي إلى وغد مغتصب..!

بل كيف للحب الذي يندلع في القلب – كالقصيدة – بغتةً “فيَهبُّ نعناعٌ وتلثَغُ نحلة” أن يندلع في قلوب يملؤها الجفاف ويكسوها السواد كقلوب القتلة والمغتصبين..!

وللوقوف على حال “أم قرون” التي يقول مغولي الشتات بأنه “عشان خاطرها بيركب البوكسي” يكفي أن تتأمل في ما حاق بمثيلاتها من زوجات المقاتلين الموتورين في حروب العبث واللا معنى، أو يكفي أن تقرأ في معاناة النساء التي صورها أدب الحروب..!

يكفي أن تطالع مثلاً رواية “حجر الصبر” للكاتب الأفغاني “عتيق رحيمي” الذي جسد معظم صور الحزن والكآبة التي صاحبت وأعقبت الحرب الأفغانية، من خلال علاقة زواج مأساوية بين مقاتل سابق أصيب برصاصة في رقبته – جعلته عاجزاً عن الحركة لكنه على قيد الحياة – وزوجة شابة تعيش معاناة المرأة “ابنةً فزوجةً فأماً” في مجتمع انتقائي متشدد..!

لكن الزوجة التي انتهى شبابها إلى السهر على راحة مجاهد سابق في حرب عبثية تقرر أن تتحدى خوفها وخضوعها وأن تبوح بأخطر أسرارها الدفينة، كما قال الكتاب..!

ولو قدر لأم قرون أن يكون لها رأي ورؤية في انتهاكات ومجازر “ولض أمي” الذي يتَذرَّع بخاطرها لركوب “البوكسي” لكن الحقيقة أنه يفعل لأغراض دنيئة لا تمت للعاطفة أو ًالرومانسية بصلة – لو قدر لها ذلك! – لاختارت حياةً زوجيةً مستقرة وممتدة، كما هي فطرة المرأة الأنثى، ولما حدث ما حدث..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى