المقالات

منى أبوزيد تكتب: المصير الذي حاق بالفراشة..!

الخرطوم_ تسامح نيوز

“من يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي”.. جورج أورويل..!

جوهر الفرق بين الجدارة المهنية والكفاءة الإدارية تكفل بالتدليل عليه – بطرافة واختصار – بروفيسور جامعي كان “زميل دفعة” لأحد وزراء حكومة د. عبدالله حمدوك الأولى ..!

كنا نتجاذب أطراف الحديث بشأن فرص نجاح أول حكومة بعد ثورة ديسمبر ونحن بانتظار انعقاد اجتماع إداري – بمكتب رئيس الجامعة – عندما أشار ذلك البروفيسور إلى نافذة المكتب المطلة على الكافتيريا وهو يقول بمنتهى الثقة “إن فلاناً هذا رجلٌ طيب وأكاديمي لامع وباحث قدير، لكنه سوف يفشل كوزير لأنه لا يمتلك الكفاءة الإدارية الكافية لإدارة كافتيريا كهذه، ناهيك عن إدارة وزارة سيادية”، وقد كان..!

والحقيقة أن أداء د. عبد الله حمدوك نفسه وأداء حكومته – عن بكرة أبيها – كان حجةً دامغة لإثبات جوهر الفرق بين جدارة الإنسان كثائر حر وكفاءته كسياسي منظم من جهة، وجدارته كسياسي معارض وكفاءته كحاكم من جهةٍ أخرى..!

من كانوا يظنون أن المناصب والوزارات هي آخر محطات النضال الثوري ومكافآت المعارضة السياسية فشلوا واقعدوا البلاد والعباد عن الفعل الوطني الجاد والمنتِج. لكنهم نجحوا – فقط – في إثبات أن التسلسل الهرمي في الأحزاب السياسية والتدرج بين مسميات العمل الثوري شأن وأن الجدارة بالترقيات في العمل الإداري والمناصب الحكومية شأن آخر..!

ولأن الفشل الإداري نمط ممتد عبر النخب السياسية في السودان فقد فشلت حكومة الإنقاذ واستحقت الثورة عليها بعد أن تَبنَّت ذات المنهجية الإدارية الفاشلة، فقدمت المعتمدين والولاة على أساس مراتبهم كمجاهدين، وعينت المسئولين والوزراء بحسب مكانتهم الحزبية وعلى حساب كفاءتهم المهنية، فحدث ما حدث..!

وحتى توافقني الرأي دعني أحدثك قليلاً عن “نظرية بيتر” من جهة، ونظرية الفوضى – أو أثر الفراشة – من جهةٍ أخرى، ثم علاقة كل منهما بعلل ومزالق وإشكالات ومهالك الوضع الراهن في السودان..!

نظرية بيتر تتلخص ببساطة في أن السبب الرئيس في مصائب الأداء الناتجة عن أصحاب المناصب هو أن ترقيتهم تتم بناءً علي أدائهم في أدوارهم الحالية ودون اختبار لمقدراتهم على الأداء بفعالية في أدوارهم الجديدة، والنتائج تكون في الغالب كارثية لأن هؤلاء الأشخاص يصلون في نهاية الأمر إلى مناصب هم غير مؤهلين للعمل فيها. وهذا ما حدث تماماً بعد نجاح الثورة وسيطرة الحرية والتغيير..!

أما نظرية الفوضى فتتلخص باختصار في حركة الفراشة التي تحدث بأجنحتها الصغيرة دوائر في الهواء، ثم تتحول تلك الدوائر بتراكم الفراشات إلى محركات لتيارات هواء. ثم تتحول تلك التيارات إلى إعصار هائل ومدمر “يعني التأثير المتفاوت وغير المباشر للمواقف والقرارات الصغيرة والذي قد يعصف بوجود أكثر الأنظمة ضخامةً وتعقيداً”..!

الرئيس السابق عمر البشير قام بترقية حميدتي وشرعنة المليشيا القبلية التي كان يتزعمها وإضفاء صفة النظامية عليها..!

 ثم تطورت الترقية – بعد الثورة – إلى شراكة في الحكم وإنابة لرئاسة مجلس السيادة، وحركات وبركات تحولت بمرور الوقت إلى عمالة واستيطان وتلاعب بمصائر الأوطان..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى