
هل صحيح أن الخرطوم لم تعد صالحة للعودة؟
(تسعة طويلة) تثير القلق بين المواطنين .. وتعرقل قرار العودة..!
هذا ما تريده الخرطوم.. حتى (يسرج) العائدون إليها خيولهم..!
تقرير /هاشم عبد الفتاح
(انقسم الناس وتباينت اراءهم وأفكارهم حيال قضية العودة إلى الخرطوم بعد أن توقفت أصوات المدافع وانطفأت نيران د الحرب بالخرطوم.. فكان الناس يتساءلون.. أيهما يسبق الآخر (ان يعود المواطنون اولا.. ام ان الضرورة تقتضي ان تكتمل الخدمات قبل أن يسرج العائدون خيلهم تجاه الخرطوم؟.. ثم من هو المعني بالعودة إلى الخرطوم.. (مؤسسات الدولة.. ام المواطن؟).. تساؤلات كثيرة حائرة نطرحها هنا بشأن مطلوبات واستحقاقات العودة إلى الخرطوم.
وهل صحيح ان الخرطوم لم تعد صالحة لاستقبال (مهجريها) بمعطيات واقعها الراهن؟ خصوصا على الصعيد الأمني بعد أن اطلت من جديد مايسمى (بتسعة طويلة).
.. فماهى اذن المطلوبات العاجلة لتأمين هذه العودة.. ولماذا تأخرت عودة المؤسسات الحكومية إلى الخرطوم ؟)

جعلوها (كعجوز شمطاء)..!
بداية تحدث (لتسامح نيوز) الأستاذ مزمل عبد الغفار الكاتب الصحفي المحلل السياسي قائلا :
لا أحد يمني نفسه بعدم العودة للبلاد وهنا نقصد الخرطوم ولا احد يعجبه النزوح في الداخل أو اللجوء في الخارج كلها معاناة وجميعها مشقة..ومن الجيد والحسن أن تعافت الخرطوم وانعتقت من براثن الأوباش الذين عاثوا فيها فسادا وتقتيلا للابرياء وقبل أن يسرقوا حاجيات الناس وأملاكهم وقتلوا وفعلوا كل الموبقات سرقوا قبل كل ذلك وبعده جمال الخرطوم ورونقها ودفئها.
كانت الخرطوم عروس بكر جعلوها (كعجوز شمطاء) وافقدوها العذرية..نعلم ان ذاك عهد قد مضي ونسأل الله الا يعود وأن يكون هذا الدرس كتابا (مفتوح) تقرأ منه وفيه الأجيال..
مبادرات العودة..!
لا شك أن هناك دعوات ومجهودات مخلصة للعودة سواء كانت طوعية مدعومة اوغيرها ومعلوم ان العودة التدريجية قد بدأت وظهر معلمها ولكن يبقي التحدي أمام الناس أن المظهر الكامل للعودة لايزال هو أمام محك فالكثير من المناطق باتت تنعدم فيها سبل الحياة حتي ولو علي المستوي الادني ناهيك عن التحديات الأمنية والسيولة الملاحظة مقرون ذلك مع الظروف المالية لغالبية ابناء الشعب السوداني فيجب ان لانغفل بان ما يقارب الثلاثة اعوام كل الشعب ان لم يكن قلة منه هم باتوا علي عتبة الفقر او الجوع.

او دخلوا فيها فكيف لهؤلاء ان يعودوا ليبدؤا من الصفر بعد ان سرقوا ونهبوا لدرجة ان نصف سكان الخرطوم ممن هجروا املاكهم مناطقهم ودورهم باتت غير صالحة للسكن وربما يلجأون لاستئجار منازل مرة اخري في مناطق تتوفر فيها الخدمات…هذا قليل من كثير فكيف تتأتي العودة…سؤال يطرق باب الحكومة المركزية والحكومة الولائية بشدة؟
فهل من مجيب وقبل ذلك لابد من ان نري عودة كاملة للحكومة المركزية للخرطوم حتي تشجع الجميع علي العودة لان الخرطوم هي مكان الخدمات ومكان الإشعاع، (فبطانة الرحم المهاجرة )وهي عبارة يعرفها اطباء النساء والولادة هذه البطانة حتما ستعود الي خرطوم العزة وان طال السفر.
الدعوة لعودة المؤسسات الحكومية..!
ويقول الأستاذ الطيب سعد الدين المدير العام لوزارة الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم :
لعلكم تتابعون الجهد الذي تقوم به ولاية الخرطوم في تهيئة بئة العودة إلى الخرطوم حيث شرعت الولاية مبكراً في نظافة وتنظيم الشوارع الرئيسية في المدن الثلاثة الرئيسية (الخرطوم وبحري وامدرمان) بإزالة الانقاض التراكمات، ومعالجة الألغام وبقايا الحرب، كما قدمت الدعوة لكل المؤسسات الحكومية بالعودة إلى مقارها بالخرطوم والعمل على تهيئتها وقد شهدت الولاية أيضا نشاطا مكثفا لتشغيل محطات الكهرباء والمياه.

فهناك (٤) محطات قيد الدخول في الخدمة وربما دخلت التشغيل التجريبي وستغطي أجزاء واسعة من الولاية، صحيح ان الدمار كبير جدا في الكهرباء شمل المحطات التحويلية والمحولات داخل الأحياء وكذلك الشبكات وهذا بالتأكيد كما يقول الاستاذ الطيب يحتاج إلى جهد كبير من الحكومة الاتحادية، والان نحن نعمل بقدر المستطاع لمد المناطق الحيوية بالطاقة الكهربائية، علاوة على ذلك هنالك مبادرات مشجعة لدخول الطاقة الكهربائية بانارة الشوارع وبالتالي فإن الولاية ستشهد نقلة كبيرة جدا في هذا المجال، ولذلك نحن نعمل الان من أجل العودة.
كابوس التفلتات الأمنية..!
اما بخصوص التفلتات الأمنية نقول ان الحرب لها آثارها فهناك بعض المجموعات استغلت السيولة الأمنية لتنشط بعض العصابات في ترويع المواطنين لكن لجنة أمن الولاية تقف بالمرصاد لهذه المجموعات وتقوم بكردنة وتطويق بعض الأحياء المشتبه فيها وقد تم القبض على المئات منهم ولذلك نعتقد ان هناك جهود مبذولة لمحاصرة هذه المجموعات والعصابات التي كانت تنشط في عمليات السرقة.
ونعتقد انه بوجود الشرطة ووزير الداخلية وتكثيف الانتشار الأمني داخل الولاية وتفعيل دور الشرطة المجتمعية نتوقع انحسار هذه الظاهرة.
عودة الروح إلى جسد الدولة..!
اما الأستاذ الهندي الريح الكاتب والمحلل السياسي فهو يعتقد ان العودة إلي الخرطوم تعني عودة الروح الي جسد الدولة السودانية لأن تطبيع الحياة في الخرطوم يجسد فعليا نهاية الحرب وبداية ممارسة الحكومة لإدوارها من داخل العاصمة وقد بذل والي الخرطوم الاستاذ محمد عثمان واللجنة الأمنية جهودا كبيرة لبسط الأمن والإستقرار عبر وسائل وآليات كثيرة كانت نتيجتها تحقيق قدر وافر من الأمن إلا من حالات نادرة أو ظواهر فردية تحدث في اي دولة لا تعكر في مجملها صفو الأمن العام
، وكذلك هنالك تحسن كبير وملحوظ في الخدمات العامة في الخرطوم والخرطوم بحري أما أم درمان تكاد تكون إنتظمت فيها خدمات المياه والكهرباء والصحة وغيرها بشكل كبير جدا .
تكثيف وجود الشرطة..!
نحتاج لكي نؤمن هذه العودة تكثيف إنتشار الشرطة والأمن والأجهزة المختصة في الطرقات وعمل إرتكازات وكذلك دوريات متحركة علي مدار اليوم ، وكذلك يجب فتح أسواق البيع المخفض في الأحياء مع توفير كل السلع خاصة الضرورية منها والإسراع في فتح الأسواق المعروفة والمرافق العامة مثل البنوك والمستشفيات والمدارس وتوفير وسائل المواصلات وفتح الأسواق والمحال التجارية وغير ذلك .
العامل الحاسم للعودة..!
وأضاف الأستاذ الهندي : الآن بدأت عودة الوزارات والمؤسسات الحكومية تدريجيا بعودة وزارة الداخلية لأهميتها في تهيئة المناخ لعودة كل الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخري والتى نأمل أن تكون قريبا فهي العامل الحاسم والأهم في عودة المواطنيين وعلى المواطنيين تحدى الصعوبات والعودة لمنازلهم وأشغالهم وإستئناف نشاطاتهم فما حك جلدك مثل ظفرك ولن يتم إعمار بيوتهم بمنقذ يأتى من السماء .
العودة (قرار شخصي)..!
وذهب الدكتور إبراهيم الصديق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي في اتجاه ان قرار العودة إلى الخرطوم يرتبط بنقاط اساسية اولها انه قرار شخصي او (اسري) فلكل أسرة لديها حساباتها وتحدياتها المختلفة سواء كانت هذه الأسرة في المهجر او داخل السودان.
والنقطة الثانية هى حسب المنطقة التي يراد العودة إليها فهناك مناطق آمنة حول الخرطوم عاد أهلها مثل بعض المناطق في امدرمان وبحري وشرق النيل.
والنقطة الثالثة ان هناك عودة مرتبطة بعودة بعض مؤسسات الدولة، وفي الحقيقة ان منطقة وسط الخرطوم هى آخر منطقة تم تحريرها وبعدها جبل أولياء وصالحة ولهذا فان هذه المنطقة دارت فيها معارك شرسة وكبيرة وبالتالي تم فيها تدمير كبير، وبالتالي لا يمكن الرجوع ما لم تتوفر فيها الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وانترنت والمطلوب من الدولة ان تركز على الخدمات في مركز الخرطوم.
لكن الأستاذ صلاح عمر الشيخ الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يعتقد ان مسألة العودة الطوعية مهمة جدا لإعادة الإعمار لاننا بعد الحرب لم نتوقع ان تكون الخرطوم كما كانت لان التدمير كان كبير جدا خاصة في مجال الخدمات وبالاخص في مجال الكهرباء، وهذا سببه البحث الغبئ عن النحاس علاوة على المشكلات الأساسية في الصحة والمياه، وتعتقد ان هناك جهد كبير مبذول يجد تعاون الحكومة عليه من خلال التواجد داخل الخرطوم
لكن تظل المشكلة الأساسية هى عودة الأمن اولا وقبل كل شئ وواضح ان هناك مشكلتين اساسيتين تواجهان قضية الأمن اولها أنتشار السلاح وثانيا وجود المجرمين الذين اطلق سراحهم من السجون أصبحوا عصابات وهم اصلا كانوا ينتمون إلى المليشيا وارتكبوا كل أنواع الجرائم.. وظل هؤلاء يمارسون ذات الجرائم داخل الخرطوم حتى بعد هروب المليشيا ولذلك المهمة الأولى للشرطة الان ان تعيد الأمن للمواطنين بمساندة الشرطة المجتمعية لحسم التفلتات الأمنية وخصوصا (٩طويلة)
وأعتقد أن المؤسسات الحكومية تأخرت لأنها أيضا كانت تنتظر عودة الخدمات ولكن هناك مشكلات حقيقية تواجه المواطنين على مستوى المدارس والعلاج بالخارج. فمثلا نحن في مصر نؤكد ان العودة إلى الخرطوم منتظمة فحتى الان عاد حوالى ٢٥٠ الف شخص وفي فترة وجيزة.





