هل يستعيد(الكيزان)السلطة بأسرع مما يتخيلوا هم ؟!

بكرى المدنى -تسامح نيوز
في لعبة شد الحبل (جر الحبل )ثمة ثلاثة احتمالات للنتيجة وهي أما ان تجر خصمك فتنتصر او يجرك فتنهزم وأما ان تتعادل القوة بينكما وينقطع الحبل غير ان هناك احتمال رابع وهو ان تظل ممسكا بطرف الحبل وتتقدم خطوات نحو خصمك وهو يجر بكل قوته وفي هذه الحالة سوف يسقط على ظهره وهو يظن انه يكسب وفي حقيقة الأمر انه سقط على قفاه بينما لا زالت انت واقفا وطرف الحبل على يدك !
أقرب للاحتمال الرابع في لعبة (جر الحبل )السياسية ما يبدو اليوم بين الإسلاميين (الكيزان) وخصومهم السياسيين الذين صعدوا للسلطة بعد ثورة ديسمبر المجيدة فالكيزان لم يستطيعوا جر خصومهم ولم يتركونهم يجرونهم ايضا ولا هم قدموا معادلا للقوة معهم حتى ينقطع الحبل ولكنهم -اي الكيزان-ظلوا يمسكون بطرف الحبل ويتقدمون خطوات تجاه خصومهم الذين يجرون الحبل بكل قوتهم ويبدون مع ذلك الآن على وشك السقوط على الرغم من مظهر النصر القائم على الجر بيد انه نصر مع السقوط !
لقد استسلم الكيزان -على ما يبدو -منذ البداية واستجابوا لعملية الجر القوية وفي قناعات الكثير منهم ان لا جدوى من المقاومة وان اي مقاومة نتيجتها أما الهزيمة او انقطاع الحبل وهما أمران بالنسبة لهم احلاهما مر فكانت الرابعة وهي الاستجابة للجر مع الاحتفاظ بطرف الحبل والتعويل على سقوط الخصم على ظهره من تلقاء نفسه نسبة للقوة الكبيرة الذي يبذلها في الاتجاه المعاكس !
رغم الأحاديث الكثيرة عن التخطيط والتخريب والدولة العميقة ولكن ما من شواهد كبيرة حتى اليوم دلت على ان الكيزان كتنظيم قد عمل على مقاومة السلطات الجديدة وأنه طوال الفترة الماضية كان يستفيد فقط من فشل خصومه في إدارة الدولة وامتص بذلك كل الدعاوى السابقة وهو اليوم من خلال الإنتظار والمقارنة يكسب بتبديد خطاب العزل والكراهية الذي نشر بشكل واسع قبل وأثناء وبعد الثورة وتشكيل أجهزتها الحاكمة
ان خسرت القوى الحاكمة اليوم وأنصار حكومتها على امتدادهم هذه التجربة وهذه المرحلة فإن ذلك لن يكون بأي دور منظور للكيزان اللهم إلا ان كان الانتظار نفسه فعلا يقع في دوائر التدبير والتخطيط !
صحيح كانت هناك محاولة محدودة وفطيرة للانقلاب على المجلس العسكري لكن من نوى بها نفسه وهو الفريق هاشم عبدالمطلب قد كشف فى اللقاء الذي سرب للتحقيق معه ان قادة التنظيم الإسلامي كانوا قد نهوه عن المضي في خطوة الانقلاب وصحيح أيضا كانت هناك محاولة لقيادة الشارع فيما عرف وقتها بمسيرات الزحف الأخضر ولكن التنظيم أيضا لم يتبناها ويبدو انها جاءت من قبل مجموعة محددة ومتحمسة سرعان ما عرفت خطل ذلك الاتجاه وركن الجميع للتعويل على الإنتظار والذي هو في فقه الجماعة صبرا والمدهش ان الخيار الأخير هذا يمضي بشكل جيد ومتسارع ودون أي جهد يذكر غير الإنتظار والتعويل على فشل الخصوم من تلقاء أنفسهم في إدارة الدولة!
قبل عام من اليوم كانت عبارات مثل (اي كوز ندوسو دوس)و (شكرا حمدوك)وحتى (رمضان بدون كيزان)تتسيد النت والأرض معا ولكن مع توالى فشل الحاكمين اليوم فإن الجنوح للمقارنة الهادئة أصبح ثمة الفئة الغالبة أما الفئة المتطرفة فأصبحت تحدث جهرا عن نجاح الكيزان مقابل الحاكمين اليوم ولئن كان الأولين قد احتاجوا معجزة أواخر ايام نظامهم لإنقاذه من السقوط ولم يجدوا فإن الأخيرين اليوم يحتاجون إلى معجزة هم الآخرين للإبقاء على نظامهم واقفا ومستمرا فى لعبة جر الحبل هذى وقد انهكتهم الخدمات والأسعار وخصمهم اللدود لا يجرهم فيجروه للمربع الذي يريدون ولا يلاويهم لينقطع الحبل ولكنه يمضى نحوهم بثبات متمثلا الهزيمة وهو في الحقيقة منتصر باقترابهم من السقوط كل حين !
بإستثناء تونس فلقد سقطت ليبيا بسقوط القذافي وتمزقت اليمن برحيل نظام على عبدالله صالح وحافظ بشار الأسد على سلطة البعث في سوريا بكلفة عالية وعاد رجال حسنى مبارك للحكم بطريقة وحركة لا تحدث إلا في مصر فهل يصمد السودان ويعود الكيزان للسلطة بطريقة لا تخطر على بال ؟! المفارقة ان الإجابة على هذا السؤال ليست لدى الكيزان وإنما لدى خصومهم الذين يمنحونهم بفشلهم مساحات كبيرة للتقدم وفرصا جديدة للعودة كل يوم في الوقت الذي يمكنهم قطع كل ذلك بالسير على الطريق الصحيح ولو بخطوة واحدة !