المقالات

يوسف عبد المنان يكتب: من عشانا إلى امدرمان ولا حتى بصيص امل

الخرطوم تسامح نيوز

 

قبل كتابة الحلقة الثالثة من سلسلة مقالات (هل كل رزيقي دعم؛؛ دولة العطاوة وأوهام النقاء العرقي) وقد أثارت الحلقتين اهتماما من كثيرين يتخيرون في القراءة من الاعلام الجديد مايعتقدون انه مفيدا لهم

داهمتني أحداث وإحداث والمرء احيانا تطغى عليه العاطفة فتاخذه من الفرض على المستحب في العبادات ويوم أمس الأحد كان يوما عصيبا على الاهل في منطقة ودعشانا والغبشه وهي آخر القرى ومدن شمال كردفان قبل الوصول إلى محلية تندلتي التي كانت تتبع لشمال كردفان قبل الحاقها قسرا بالنيل الأبيض في سبعينات القرن الماضي وإحداث ودعشانا الدامية الدامعة حيث قتلت قوات الدعم السريع لحظة دخولها الشيخ الريح عبدالوهاب حمدالنيل وشقيقه محمد عبدالوهاب والصافي صالح الغالي ومحمد المحسي وودعشانا مثل كل المناطق التي تدخلها قوات الدعم السريع تقتل وتسفح وتنتهك العروض وتنهب الأموال وتدخل البيوت على ربات الخدور وتنتزع حتى حبات الذهب من اعناقهن وتقهر الرجال العزل ممن كانوا يحترمون القانون ولا يمتلكون السلاح الفتاك ويعتقدون ان الدولة قادرة على حمايتهم قبل أن يحدث ماحدث

في التاريخ يحدثنا عن المرأة التي صرخة واه معتصماه؛؛ ويحدثنا التاريخ عن الميرم التي استنهضت قوات على دينار والسلطان غارق في ملزات الدنيا فقالت الميرم (سيدي الله ينصرك الترك جو في سيلي) وسيلي وادي بالقرب من الفاشر

وأمس صرخت فتاة من قلب أم روابة في رسالة مسجلة بعثها لي أحد الأصدقاء هذه الفتاة بصوتها المشحون بالأسى والمرارة لو نادت حيا لنهض بتحرير ام روابة اليوم جيشا من رجال السودان اولهم في كردفان واخرهم في المتمه ولكن لاحياة فلمن تنادي الفتاة التي ننقل صرختها حرفيا (خالي والله الحاجات الحوالينا دي صعبه شديد مابعرف دي اغتصبوها وهذه دخلو بيتها وسرقوه والدعم السريع يقفل السوق وأحيانا يفتحه والحاجات الحوالينا بجد صعبه شديد لأول مرة الكهرباء تقطع ل٤٠ يوما جات امس الليلة قطعوها عشان قالو في اشتباك بين الجيش والدعم السريع والله عايشين في ظل ظروف صعبه شديد كل المراكز الصحية مغلغه الدعم يفتحها الليلة بكره يغلغها غايتو عايشين على رحمتهم وهم ناس ماعندهم رحمة ولا أخلاق ولا اي حاجة)

انتهى التسجيل الموجع. عما يحدث في مدينة هي مسقط رأس وزير الدفاع في حكومة بلادي الوزير يسين إبراهيم العاجز عن حماية ام روابة ودعشانا والغبشه وتركها للدعم السريع ينهب ويقتل وهذه المنطقة أنجبت عبدالماجد حامد خليل الذي لو قدر للأموات الأحياء سماع صوت فتاة ام روابة لارجف القبر غضبا مما يحدث ولكن الأموات من جنرالات ام روابة لايعنيهم مايحدث لاهلهم من تقتيل

الدعم السريع سيطر على كل شرق كردفان ولم يجد مقاومة ولا تصديا من ثلاث فرق من الجيش الهجانه في الأبيض واللواء ١٨ كوستي وابوجبيهة وعندما دخل الجيش ام روابة وفرح الناس بقدوم الكاكي الأخضر وزبحت لهم الزبائح و زغردت الحسان واحتفلت المدينة ظنا أن أبنائها جو

فجأة انسحب الجيش بتعليمات عليا وترك ام روابة لتدخلها قوات الدعم في رابعة النهار الاغر وتنتقم قوي الحرية من خصومها من القوى الاجتماعية التي رحبت بالجيش وزبحت له وتكرر المشهد امس في ودعشانا والقوة التي احتلت المدينة وعادت إلى ام روابة بعد أن إحالتها إلى رماد لم تهبط من السماء ولكنها تحركت من جنوب كردفان ٧٠ عربة لأندكروز يقودها برشم وسارت مطمئنه حتى وصلت ودعشانا لم يعرضها الا طيور الزرور التي قضت على إنتاج هذا الموسم الضعيف اصلا بقلة الأمطار

يقول إلادعياء من عبدت السلاطين أن الجيش عارف شغلو ويريدون إضفاء قداسة على أخطاء الأفراد وأمثال هؤلاء هم من اوردوا الإنقاذ المهالك حتى سقطت ومنذ أن سقطت دفنوا رؤوسهم في الرمال وهؤلاء أخطر على الجيش من الدعم السريع لأنهم يريدون إقناع الناس بأن ضربة الطائرات لارتكاز في شارع الهوى بالخرطوم مقدما على ضرب سبعين عربة محملة بالجنود والسلاح في طريقها للخرطوم وان تحليق الطيران الحربي في شرق النيل مقدما على فض هجوم الجنجويد على نيالا وهؤلاء من يقولون لك الجيش عارف شغلو؛؛ لاتتحدث عن دخول أسلحة الإمارات من ام جرس إلى امدرمان كل شي مرتب هؤلاء من يطيلون أمد الحرب

الأخ عبدالله محمد علي بلال منذ أن التقينا وقد امسك بيدي انا قادما لتوه من فرقان البقارة وقدمني الأخوين مكي إبراهيم والطيب أحمد زايد في مدرسة كادقلي الثانوية للانضمام إلى حركة التيار الإسلامي منذ منتصف الثمانينات لم أرى واسمع عبدالله بلال غاضبا وناغما ومتحسرا علي حال بلادنا كما سمعته أمس وهو يبث تسجيل ينعى فيه كردفان قبل موتها ويهيل التراب على وجوه أبناء محليات الرهد وأم روابة وغدا ام دم حاج أحمد

مأساة ودعشانا مست قبر الشيخ ابوعزه الذي أعز الإسلام حين عز النصير وقال لا لرعاية دولة حمدوك للمثلين وقبل رحيله بأيام جمع الشيوخ وصلى بهم صلاة الخلاص من حكومة حمدوك وبعدها لم تبقى الا عشرة أيام فخسف الله بتلك الحكومة الأرض ومن غرائب وعجائب الزمان أن حميدتي يوم رحيل ابوعزه أكرمه بطائرة مروحية حملت جثمانه حتى ودعشانا ولكن ماله حميدتي يقتل الشيخ الريح عبدالوهاب حمدالنيل بدم بارد ويزبح ودعشانا في الضحى الاغر

يشعر المرء بالحسرة والغمة ورماد المعارك يغطي سماء السودان ولاتلوح في الأفق بارقة امل لنصر قريب ولا حتى تسوية تحفظ للطرفين ماء الوجه يدخلها كل منهم بنصف انتصار ونصف هزيمة ولكن على الأقل نحفظ ماتبقى من السودان حتى لايحاق به ماحاق بأم روابه وودعشانا

وفي عتمة المشهد وظلاميته فإن اختيار الوالي عبدالخالق لشمال كردفان وحماسته وصدق تعامله مع الناس قد أعاد لأهل شمال كردفان شي من ملامح أحمد هارون لاتجمعني بهذا الوالي صلة رحم ولم التقيه في حياتي ولكن ماسمعته من أهل الأبيض حملني على الاعتقاد بأن عبدالخالق لو توفرت له الإمكانيات المالية والدعم المركزي والأمن فإنه سيقدم الكثير وهنا ينهض السؤال هل الولاة مسؤولين بحكم رئاستهم للجنة الأمن عما يحدث من هجوم عسكري على المدن بالطبع هذا شان عسكري لاشان للولاية به ولايسمع قادة الفرق حديثا للولاة ولاياخذون حتى بملاحظاتهم

الهم احمي كردفان بعد أن تخلي عنها المركز وتركها تلعق جراحات أبنائها فهل يصبح الطريق الذي سلكه حمر بغرب كردفان بتكوين قوة دفاع ذاتي لكل قبيلة هو الخيار المتاح أمام قبائل مثل الجوامعه ودار حامد والكبابيش باعتبارها مجموعات لاتنتمي لجيش العطاوة القادم من غرب وجنوب كردفان ودارفور؛؛؛؛ ام سينهض اللواء بحر والفريق يسين من غفوة الحاضر ويتزكروا أنين رسالة فتاة ام روابة قبل رسالة عبدالله بلال المفجوع والمطعون في كبده؛؛؛

يوسف عبد المنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى