المقالات

✍️⁩مالك محمد طه…”الحلو” كيف قسوا عليه؟

✍️⁩مالك محمد طه

رحم الله الاستاذ عيسى الحلو كانت حقيبته مليئة بالافكار والألقاب العلمية، فلم يكن يحفل بالالقاب الادارية التي تجعله قياما على أفعال الناس يأمر وينهي.
كان يكتفي بمخاطبة الأفكار لانه يعرف أنها مدار الفعل وقطب رحاه.
اكتفى من مكاتب صحيفة الرأي العام بكرسي لا يحفل كثيرا اين يوضع له، ما يهم ان تنصب معه طاولة عليها بتكيء ويكتب. كان يعرف أن هذا يكفيه ليبلغ فكرته وهذا عين ما يريد.
لم يكترث كثيرا ولا قليلا لوصفه الوظيفي، هو لا يحتاج أن يكون رئيسا للقسم الثقافي ، العكس هو الصحيح، الجريدة كلها تحتاج أن يكون الاستاذ عيسى رئيسا للقسم الثقافي وهكذا كان يكتب في الشريط الداخلي بالصفحة الثانية او الثالثة، ولعلها من المواطن النادرة التي تحمد فيها الانتهازية، أن ترفع القيمة العلمية لقسم من الأقسام الصحفية عبر استغلال اسم شاغله، وقديما قالوا (اذا كنت خاملا فتعلق بعظيم).

لقد رفع الراحل خسيسة الأقسام الثقافية في الصحف التي عمل بها عبر القراءات النقدية العميقة للأفكار الشاهقة العظيمة، وياله من تضاد لا يستطيعه إلا الحلو (ان تحفر عميقا لتحلق عاليا)،.
القراءة الوعرة المرة وهبته الجرأة والقدرة على نقد المدارس الأدبية القديمة والحديثة، واعانته على قراءة المشاهد الثقافية في القاهرة وبيروت وبغداد و موسكو وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا، يقرأ في وعن الفعل الثقافي في تلك البلدان، مثلما يقرأها في بلده السودان.

جمع الحلو بين الإنتاج والنقد وفيهما برع، هو يكتب قصصه ورواياته ويطرحها على الفطاحل للنقد والتحليل فيستجيدونها، وعلى ناشئة النقاد والكتاب فيستزيدونها.

ثم في حركة عكسية يعكف على ما ينتجه الآخرون ، يكتب عنه، يجلي غوامض النصوص ويضيء الزوايا المعتمة فيها ويزين ما يحتاج إلى تزيين ويترك للقارئ فضلة ليفكر هو أيضا.

داهمت (الرأي العام) سنابك التفكيك وزحفت عليها جحافله، وكان الراحل الكبير الاستاذ عيسى الحلو ضمن من عصفت به إلى المجهول مرتين.
مرة بمصادرة المنصة(الصحيفة) التي يقف عليها ويعرض أفكاره للناس ، والثانية وهي الأشد بفصله عسفا وجورا من الصحيفة المصادرة . وبهذا فقد حرمه جلاوزة التفكيك من معاش يجري عليه بعد وفاته تقديرا رمزيا لعطائه ورعاية لأولاده.
ورأى المغول ان حفنة جنيهات توضع على نافذة وزارة المالية(جزاء لفصله التعسفي) هي كل ما يستحقه عيسى الحلو على كبر عمره وكبرياء نفسه.

هذا ما ترتب على تقرير الوزير المستشار الذي أوصى بذبح الرأي العام بمن فيها ولو كان الحلو.
اما من جاء بعد الوزير المستشار في المنصب فلم يجد تقديرا لفقيدنا الراحل اكثر من ان يمشي وسط المشيعين يهيل على الجثمان الطاهر التراب.
ذلك فعل محمود في موطنه بالمقابر. لكنه كان أجدى وأنفع لنجمنا الهاوي لو امتدت إليه الايادي وهو حي يغالب المرض والقهر .
رحم الله عيسى وعوضه خيرا مما ناله من عقوق وغدر على يد تتار السلطة ويهوذا التفكيك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى