تقارير

نانسي عجاج .. هل تراجع مقام الدهشة؟

الخرطوم_ خديجة عائد

 

في العام 2006م اطلت نانسي عجاج لاول مرة عبر الشاشة السودانية بقناة النيل الأزرق مطربة مكتملة الاركان ، ظهرت على المشاهد بصوت مختلف ، وهندام مختلف ربما غريب على المشاهد ، السوداني الذي كان متعودا وقتها على ظهورالمطربات السودانيات عبر الشاشة البلورية ب(الثوب أو الطرحة مع الاسكيرت والبلاوز) ٫ وبما ان الصوت هو انعكاس للدواخل ،انتظر الجمهور ماذا ستعكس لهم (نانسي) من خلال زيها الاوروبي ، وماذا تعكس لهم بصوتها بترديدها لاغنيات الذري (ابراهيم عوض) بلهجة سودانية خالصة ، وبجلباب شرقي و (كاب) ،

 

(١)

جاءت نانسي ابنة الموسيقار المعروف الراحل بدر الدين عجاج للساحة الفنية وابهرت الجميع ، لأنها جاءت في وقت ظن فيه الكثيرون أن الظهور الغنائي النسائي الجاد في السودان قد توقف في محطات كانت جميلة ،وانتهى مع الرائدات ، ففي ذلك الوقت كانت الذائقة التي تجلس أمام الشاشة البلورية تحتاج سماع صوت مثل نانسي عجاج فقط ، حينها عجاج تصدح في إماكن متفرقة ، وعلى الفضائيات (أن شاءالله أجن وازيد في الجن) ، فاسكرت عقول (حد الثمالة) فاكتملت اللوحة بجمال صوتها وزيها.

 

(٢)

وقتها كتب القاص والأديب والصحفي والسياسي دكتور حسن الجزولي محتفيا بذلك الظهور المدهش لنانسي عجاج كاتبا:(كان ظهورها ملفتا للنظر من كافة النواحي ، فعندما برزت على خشبة المسرح وأمام عدسات التلفزة عبر البرامج الحوارية والغنائية التي أجريت معها ،كان اللافت مالم يعتده جمهور المستمعين أو المشاهدين ،وعليه فقد شكل ظهورها خبرا فنيا بارزا ، وظلت إطلالتها عبر الفضائيات وغيرها حديث الناس ، كونها كسرت بحنجرتها التطريبية مع بعض نديداتها اللاتي ظهرن معها ،الكساد الذي ساد فترة طويلة في محيط الاصوات النسائية الغنائية ، كما شكل حرصها على أناقة مظهرها لاسيما القبعة الاستثنائية التي ترتديها في كل إطلالاتها كانت حدثا اهتم به جمهورها الواسع من المعجبين ،كونها اضفت جاذبية ذكية للإنتباه ،كما هو عند ارقى وأشهر بيوتات الإعلام الأوروبي في تقديمها للانجم الجديدة ، واضفاء حيوية على المشهد بكامله

(٣)

لم يكن الجزولي وحده مندهشا بالمطرية التي هزت الساحة ،واعادتها لسيرتها الاولى ، بل كان المهتمين بشأن الغناء في حالة دهشة من كل تفاصيلها (صوتها ، وشكل زيها) ، فصوت نانسي ينقل للقلب صور الفرح والسعادة والحزن واللوعة والحنان والأسى والسحر ،تمامةكما يفجر في النفس الحنان والعاطفة ، وفي الوقت ذاته يثير في الانسان مشاعر الخشوع ، فكانت وقتها قد أقامت حفلات احتضن جلها مسرح نادي الضباط ، فالجمهور كان يعبر عن حالة إعجابه ودهشته بها بالوقوف طوال زمن الحفل، والتصفيق بعد كل (كوبلي) تغنيه ، مع ترديدهم للاغنيات معها ، حيث أن الواحد أو الواحدة منهم لا ينشغل باي اشياء جانبية تبعده عن متابعة(نانسي) في حركاتها وسكانها ، لم يفرط أحدهم في فوات دقيقة دون أن يتذوق نغمة صوتها الشجية ، فتسابقت القنوات الفضائية لاستضافتها بين الحين والآخر ، وكانت تكثر من تقديم أغنيات معينة مثل (المصير ، و وداعا روضتي الغناء ، وياروحي انصفيني ، و أنة المجروح ،وزيدني من دلك شوية ، وظلموني الناس ، والأمان ، وجوهر صدر المحافل ، والفارقت سيد ريدا) وبعدها غاصت نانسي بغنائها الخاص في أعماق محبيها ، ومعجبي فنها ، وانتجت عدد من الأعمال الغنائية المحترمة ، وكانت (اندريا) النغمة المحببة في وقت من الأوقات لعشاق الغناء ،وبعدها جاءت (بلدا هيلي انا).

(٤)

 

لا شك أن سلطانة الطرب (نانسي) استطاعت أن تصنع الدهشة حينها خلال سنوات ، وابحرت بجمهورها في بحر النغم والجمال ، الا ان تلك الدهشة حاليا بدأت تتناقص شيئا فشيئا ما لاحظه الكثيرون في حفلاتها مؤخرا ، وحالة السكون التي تعتري الحضور لحفلاتها اختلف الشكل تماما بين جمهور حفلها قبل سنوات وجمهورها الان ، فأصبح داخل الحفل منهم من ينشغل بهاتفه متابعا لما يجري على وسائل التواصل الاجتماعي ، وآخرون ينخرطون في ونسة جانبية ، والبعض ينشغل بأنواع (التساليات) أو تناول (الساندوتشات) وشرب العصائر المختلفة ،ذلك مالم يتخلل حفل السلطانة منذ سنوات مضت ، ولكن الباحث والناقد الفني مصعب الصاوي يرى غير ما ذهبنا إليه في تراجع جماهيرية نانسي وقال ل (السوداني الدولية) نانسي الان وحسب وجهة نظري افضل من بداياتها وهي في مرحلة إنتاجها الخاص الذي بدأته منذ سنين وتتعامل مع شعراء بحجم كبير ومستوى رفيع ، ويعتقد الصاوي أن نانسي تزداد توهجا مع الوقت بغض النظر عن تناقص جماهيريتها في هذه الفترة ، حيث كانت في بداياتها تردد أغنيات الآخرين ماجذب إليها جمهور لم يكن جمهورها وانما جمهور جاء من حالة الاذن السودانية ، جمهور يعشق أغنيات الحقيبة ، وغناء العمالقة الحديث فوجد ضالته في صوت نانسي الجميل وأدائها للاغنيات بكل روعة ، فمثلا الراحل محمود عبد العزيز جذب الجمهور بترديد أغنيات مخضرمة ، وعندما جاء بإنتاجه الخاص جاء إليه جمهوره الخاص ، فالان نانسي يأتي إليها جمهورها الخاص ليستمع مثلا الى اغنية (فوق نيلك) ، فهي كونت جمهورها وتخلصت من مرحلة التقليد أو ترديد أغنيات الغير ، وقال مصعب هناك مطربون يدخلون الساحة بانتاجهم الخاص ولا احد يشعر بهم ، وزاد غير ذلك نانسي لديها فهم لمشروعها الفني ،فيه رسائل اجتماعية ، معالجات لقضايا مجتمعية ملحة ، لذلك نانسي لم تفقد دهشتها ،تسير في طريق نجاح لمزيد في امتاع جمهورها ، وذكر ناقد فني معروف فضل حجب اسمه أن نانسي جذبت الجمهور في بداياتها ب (قبعتها وفستانها الكلاسيكي) كثيرون كانوا يأتون لمشاهدة جمال شكلها وليس من أجل أن يستمعون إلى غنائها ، لاسيما وأنها كانت آتية من (بلاد برة) ، وقال أجزم أن أغلبهم لا يحضرون لسماع صوتها واغانيها فمثل هؤلاء من الطبيعي يندر تواجدهم ويقل شيئا فشيئا ، وآخرون يأتون لسماع أغنيات الحقيبة بصوت نانسي في الوقت الذي فشل فيه كثيرون ظهروا في فترتها من أداء الأغنيات التي يريدونها بشكل جميل ، ولكن بعد ذلك جاءت أصوات وناقست نانسي واتجه إليها الجمهور ، وقال لكن ذلك لا ينفي أن نانسي مطربة جادة بمشروع فني محترم ،وكانت لها صولاتها جولاتها في الساحة الفنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى