المقالات

فشل المبعوث الاميركي في إدارة التقاطعات الدولية

د.هاني أحمد تاج السر المحامي

فشل المبعوث الاميركي في إدارة التقاطعات الدولية

ما يثير القلق بين كافة اطياف السودانيين أن أمريكا تعلم طريقة وآليات فض النزاعات والتقاطعات في السودان ويمكن لها بقليل من الجهد انهاء الحرب في السودان.

لكن طريقة إدارة المفاوضات تخضع لمعايير المصالح الأمريكية الخاصة دون اي اعتبار يذكر لمعاناة السودانيين المشردين في كافة الاصقاع ودول المهجر والنزوح الداخلي وتفشي الفقر و البطالة والمرض والتلوث البيئي وتوقف التعليم واهدار مقدراته وتدمير الجامعات والمستشفيات وكافة المرافق الحيوية .

تسعي امريكا بقدر الإمكان الإستفادة القصوي من الحرب السودانية في استغلالها قضية سلام في الانتخابات من جهة ومن جهة اخري ايجاد منظور سياسي يخلق انسجام بين التقاطعات الدولية الغربية والاقليمية والعربية وفق المعادلة الصعبة علي أرض الواقع.

من البديهي ان السودان يشكل العمق الإستراتيجي لمصر وان المخاطر الحالية تؤثر بصورة مباشرة عليها وان تطاول أمد الحرب ينعكس سلبًا على استقرارها وأمنها القومي.

لاسيما ان هناك تهديد حقيقي من الكيان الصهيوني علي جهة فلاديفيا وان هذه الجبهة الملتهبة سوف يكون لها تأثير واضح على مصر وفي ذات الوقت الجارة ليبيا والتي تتأرجح فيها النزاعات صعودًا وهبوطًا من وقت لأخر .

لذلك المصلحة الإستراتيجية لمصر انهاء الأزمة في السودان ولكن في ذات الوقت هناك مصالح اقتصادية كبيرة مع الامارات وهنا تكمن التقاطعات والتعقيدات السياسية والاقتصادية.

علي صعيد اخرهناك قضية كبري تسعي أمريكا لمعالجتها في إطار تسويتها السياسية التي تقوم بطرحها والزام الأطراف بها وهي وضعية الإمارات القانونية الدولية تجاه القضايا المتعلقة بالتعويض وجبر الاضرار الناجمة عن دعم المليشيا.

وهي ارقام ضخمة وخسائر اقتصادية فادحة تسعي فيها الإمارات للتنصل عنها بالإنكار فضلًا عن المسئولية الجنائية الدولية المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الانساني بالاشتراك الجنائي في ارتكاب فظائع وجرائم ضد الإنسانية.

المسألة الجوهرية إن المبعوث الاميركي يسعي لتحقيق نجاح ولو مؤقت في هذا الملف وهو أمر ضروري لترفيعه في مقبل الأيام ان استطاع الديمقراطيون الفوز في الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة.

إذا أراد المبعوث الأميركي تحقيق أي نجاح في هذا الملف عليه النظر من زوايا متعددة والإستماع من جهات سياسية مختلفة وقراءة المشهد السياسي بشكل واقعي ومعرفة رأي غالبية السودانيين دون تغبيش للأحداث ودون لوي عنق الحقيقة الماثلة لكل المتابعين .

علي المبعوث الأميركي أن يكون ماهرًا في إدارة التقاطعات الدولية والإقليمية والداخلية بشكل أساسي وليس من مصلحته استعداء أي مكون سياسي حتي لا يعجل برحيله وطرده واشتراط استبداله بشخص اخر قادر على إدارة الحوار بين كافة الأطراف بشكل محايد واحترافي مقنع وفيه مرونة مع كافة الأطراف .

إذا اراد الحزب الديمقراطي تحقيق انتصار وحصد اصوات الناخبين الامريكين عليه الوقوف مع الشعب السوداني والعمل بشكل جاد لإخراج المرتزقة من الأعيان المدنية والخروج الكامل من كافة المدن التي تقوم المليشيا باحتلالها دون مسوغ قانوني اوأخلاقي.

وعلي أمريكا ان تعي ان صحائف التاريخ تسجل وان مساوة الجيش القومي الوطني بمليشيا ارهابية هي سابقة دولية في النزاعات الداخلية وعليها ان تعمل على اسناد الدولة وفق ميثاق الأمم المتحدة وكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية واحترام سيادة الدولة ومراعاة معاناة المواطنين الابرياء المشردين من منازلهم ومواقع عملهم .

انصح المبعوث الاميركي ان لا يعتمد علي عامل تسويق الوقت وان اهداره ليس في مصلحته بل ان كل يوم يمر سوف يبحث السودانيين عن البدائل حتي يتم حسم الفوضي من قبل المليشيا .

هذا من جهة ومن جهة ثانية ان مهمته سوف تنتهي بمجرد فوز الجمهوريين بالانتخابات الرئاسية القادمة والتي هدد فيها ترامب بحرب شاملة في حالة عدم فوزه .

الاخلاق الدولية والاعراف الانسانية الراسخة تقتضي إحترام سيادة الدول والوقوف مع الشعب السوداني تجاه هذا الغزو غير الإنساني البربري علي السودانيين .

بالله التوفيق

د/هاني احمد تاج السر المحامي واستاذ القانون الدولي العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى