تقارير

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين “عسكرتها” “ومدنيتها”!

متابعات -تسامح نيوز

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين “عسكرتها” “ومدنيتها”!

 

السيسي: “الجيش” سيكون”شريكا”.. لأن التخريب سيظل مستمرا..!

تقرير/ هاشم عبد الفتاح

(مع اقتراب نهايات المشهد العسكري في السودان..تتسارع الخطى وتتباين الرؤى والأفكار لانتاج وصناعة مشهد سياسي ومدني جديد لمرحلة ما بعد الحرب لصياغة واقع سوداني جديد ..ولكن كيف نبني هذا السودان ، وما هى أولويات هذا البناء ؟ ثم ما هو دور القوى المدنية والسياسية لصناعة مشروع سياسي لمرحلة ما بعد الحرب.. وماهي معايير واشتراطات هذا المشروع ؟

وهل صحيح أن أجل المؤسسة العسكرية حينما تضع هذه الحرب أوزارها؟ ..كل ذلك طرحناه هنا عبر (تسامح نيوز) على عدد من المحللين والمراقبين للمشهد السوداني

بداية تحدث الدكتور التجاني السيسي المراقب السياسي وأحد أبرز القيادات السياسية المتحركة الآن في إتجاه صناعة مشروع سياسي (وطني) في ما بعد الحرب..)

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين "عسكرتها" "ومدنيتها"!

تحديات إعادة البناء!

ويقول الدكتور السيسي: طبعا من أكبر التحديات التي ستواجه السودان بعد الحرب هو إعادة البناء وهذا التحدي يكمن في أن الحرب دمرت وخربت كل المرافق الخدمية في البلد سواء كانت تعليمية أو صحية بالإضافة إلى البنى التحتية ومصانع الانتاج ومرافق المياه والكهرباء وكذلك الطرق الداخلية والطرق الأخرى العابرة للولايات حيث قامت المليشيا بتدمير كل هذه الخدمات والمنشآت عن قصد هذا قطعا يشكل تحدي كبير جداً للقطاع العام والخاص .

واضاف السيسي : أن الأولوية تكمن في تكوين بعثة مشتركة لتقييم كل هذه الخسائر وإجراء تقديرات للامكانيات المطلوبة لإعادة بناء هذه المرافق والخدمات التي دمرتها الحرب وهذا في تقديري تحدي كبير يتطلب روؤس أموال محلية وأجنبية وإقليمية وعادة الدول التي تخرج من الحرب ظروفها الإقتصادية دائماً سيئة جدا فمطلوب منها التخطيط لعقد المؤتمرات للمانحين وفقا لمخرجات البعثة المشتركة التي تقوم بالتقييم ووضع التقديرات الأولية التي تحتاج لها هذه البلاد لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين "عسكرتها" "ومدنيتها"!

وأشار الدكتور التيجاني السيسي أن القوى السياسية لها دور أصيل في صياغة المشروع السياسي وقد بدأت هذه القوى بالفعل في توحيد مواقفها خاصةً القوى التي تدعم جانب القوات المسلحة ومعركة الكرامة حيث شرعت في إجتماعات مكثفة في القاهرة وبورتسودان وبعض المناطق الأخرى وذلك في سبيل التوافق حول رؤية وطنية لما بعد الحرب ولازالت الإجتماعات مستمرة ببورتسودان لاستكمال الرؤية السياسية للقوى الوطنية والمجتمعية .

مقاربات القوى الوطنية!

وقال السيسي: أننا قطعنا أكثر من ٩٠% من المشوار صحيح نحن في مرحلة دقيقة وهناك قضايا أساسية من صميم اهتمامات القوى السياسية خصوصا أنها قوى كبيرة ومساندة للقوات المسلحة ولها رؤى مختلفة حول كيفية إنهاء الحرب وأعتقد أن هناك مقاربات كثيرة تمت خلال الفترة الماضية حول توحيد هذه الرؤية والضرورة تقتضي أن تطلع القوى السياسية بدورها كاملا في هذه المرحلة.

أما دور القوات المسلحة كما يقول الدكتور التجاني السيسي في هذه الفترة الانتقالية (الإستثنائية) وهى تختلف عن الفترات الإنتقالية السابقة في أكتوبر ١٩٦٤ وأيضا في أبريل ١٩٨٥ وفي أبريل ٢٠١٩ فهذه الفترة الانتقالية تواجه تحديات كبيرة ولعل أبرزها (التحدي الأمني) فهناك إنتشار كبير للسلاح وهناك مجموعات كثيرة تحمل السلاح خارج اطر الدولة بما فيها المليشيات والمرتزقة الذين تداعو من مختلف الدول وشاركوا في تخريب السودان وأعتقد أن هذه التحديات سوف تستمر حتى بعد نهاية الحرب.

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين "عسكرتها" "ومدنيتها"!

ولهذا فإن هناك ضرورة بأن تكون القوات المسلحة شريكة في الحكم خاصةً على مستوى رأس الدولة أو مجلس السيادة أثناء الفترة الانتقالية ووجودها ضروري حتى تتمكن من مواجهة هذه التحديات الأمنية وحتى تتمكن كذلك من إجراء الترتيبات الأمنية اللازمة لكل هذه القوى التي تحمل السلاح حتى نضمن أن هناك جيش قومي.

ولذلك فإن عدم إشراك القوات المسلحة في الفترة الانتقالية فيه ضرر للوضع الأمني وللسلم الإجتماعي خصوصاً أن هناك استقطابات قبلية وجهوية وان جزء من هذه الاستقطابات أدت إلى مواجهات مسلحة بين المكونات الإجتماعية في بعض الولايات ولذلك فإننا ومن خلال الرؤية التي طرحناها أن مشاركة القوات المسلحة في مجلس السيادة أمر ضروري ولكن أعتقد أن دور العسكريين سينتهي بانتهاء الفترة الانتقالية وقيام إنتخابات حرة ونزيهة في البلد وتسليم السلطة للقوى السياسية في إطار التحول إلى الحكم المدني الديمقراطي.

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين "عسكرتها" "ومدنيتها"!

خطورة مرحلة “الانحسار”!

وقال اللواء دكتور أمين إسماعيل مجزوب خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات والبحوث

في تقديري نحن الآن في مرحلة انحسار الأزمة لان لكل أزمة خمسة مراحل (بداية الأزمة-تصاعد الأزمة- قمة الأزمة – انحسار الأزمة- نهاية الأزمة) وهذه المرحلة التي نحن بصددها الآن هى أزمة عسكرية مسلحة وبالتالي مرحلة الانحسار فيها تداعيات أمنية كثيرة أهمها المحافظة على البيئة الآن البيئة تلوثت بشكل كبير جدآ باستخدام الأسلحة وذخائر ربما غير تقليدية،

والأمر الثاني وجود بعض الجثث التي تم دفنها في المنازل وبعض المناطق الأخرى ، والأمر الثالث والمهم جدآ هو وجود المتعاونين من أبناء الأحياء والمناطق الأخرى من الذين عملوا مع المليشيا في فترة الحرب ، والأمر الرابع هو وجود بعض (القناصة) ، فهؤلاء لازالوا متمترسين في بعض المناطق، أما الأمر الخامس والخطير هو لازالت بعض المناطق تشهد تدوين ومسيرات من مسافات بعيدة وبالتالي مازالت مرحلة الانحسار قد تصعد عكسياً إلى مرحلة تصاعد الأزمة وإلى مرحلة قمة الأزمة مرة أخرى .

 أخطاء العسكريين والتنفيذيين!

ويرى الدكتور أمين أن هذه مرحلة لها أهمية كبيرة جداً لمرحلة البناء ، ولذلك يجب أن نصل إلى مرحلة نهاية الأزمة حتى نشرع في عملية البناء ، فليس هناك بناء يبدأ في مرحلة انحسار الأزمة وهذا هو الخطأ الكبير الذي يقع فيه البعض من السياسيين أو التنفيذيين أو حتى الإعلاميين ولهذا فإن مرحلة انحسار الأزمة لا تصلح أن تكون للبناء وهذا خطأ وقع فيه كثير من السياسيين أو التنفيذيين أو حتى الإعلاميين.

تباينات في المشهد العام.. فترة الانتقال ما بين "عسكرتها" "ومدنيتها"!

وأعتقد أن مرحلة البناء تبدأ بعد إنتهاء الأزمة ، وفي رائي أن الأزمة تنتهي بتجفيف أسباب الصراع ، وحل المليشيا وتجميعها وإعادتها إلى حياتها الطبيعية وتوفير وسائل كسب العيش لهم وهنالك ما يعرف بالعدالة الانتقالية وهى مهمة جداً لفترة إنتهاء الأزمة وهى الاعتذار والمصالحة والتعويض المادي والمعنوي وجمع السلاح ، ولذلك بدون هذه الأشياء لا يمكن أن نتحدث عن إنتهاء الأزمة ولا عن بناء السودان فهذا أمر كبير جداً .

 مرحلة إزالة الفوارق!

لكن عموماً يمكن القول إن هذا البناء يتطلب بناء أمني أولا بتوفير الحماية وتوفير مقومات الأمن الشخصي ثم بناء إجتماعي لإزالة الفوارق سواء كانت قبلية أو اثنية والغاء خطاب الكراهية وقبول الاخر .

وأعتقد أن الأمر الثاني في مرحلة البناء هو وجود سياسة داخلية قوية تنبني عليها سياسة خارجية قوية وبالتالي أن السياسة الداخلية والخارجية تتطلب موقف دبلوماسي قوي ومواقف اقتصادية وعسكرية قوية لحماية البلاد وهذا أمر مهم جداً في مرحلة البناء .

والأمر الثالث كما يقول البروف امين مجزوب وجود تحالفات للدولة التي نعمل على بنائها بشكل قوي تحقق مصلحة السودان ، أما الأمر الرابع فهو وجود مشروع قومي يحقق مصلحة السودان ومتفق عليه من الجميع وأن يكون كذلك دستور متفق عليه وحياة سياسية متفق عليها بما فيها الأحزاب وقوى المجتمع المدني بما فيها التعليم والتراث والثقافة .

أما الأولويات فهى أولا تحقيق السلام وثانيا الأمن ثم ترتيب السياسة الداخلية والخارجية والعمل على إعادة السودان إلى موقعه في المنظمات الإقليمية والدولية .

إلغاء خطاب الكراهية!

أما بشأن دور القوى المدنية لصناعة مشروع سياسي لمرحلة ما بعد الحرب، يقول البروف امين أن المشروع السياسي يعني مشروع قومي له مبادئ وأسس ويتم الإتفاق عليه من خلال دستور فيه عدد القوى المدنية والسياسية وتحديد أدوار كل فرد من هؤلاء الأفراد علاوة على تحقيق الإندماج والتعايش المجتمعي وبالتالي هذه القوى لها دور كبير في ترتيب الأمور سواء كان الدستور أو البناء المجتمعي أو إلغاء خطاب الكراهية وقبول الآخر الآن لدينا (٧٦) حزب سياسي و(١٠٨) حركة مسلحة وهذا أمر يجب الالتفات إليه مبكراً .

وأعتقد أنه ما لم يتحقق السلام سيكون للمؤسسة العسكرية حضور دائم في الساحة السودانية وهذا في تقديري محكوم بالظروف الأمنية والعلاقات مع دول الجوار بالإضافة للمهددات الموجودة وستكون العلاقة (علاقة نظام سياسي) فهنالك مجلس للامن والدفاع وهنالك أيضا تمثيل للقوى العسكرية في البرلمان من خلال لجنة الأمن والدفاع وبالتالي يمكن أن تكون المشاركة استشارية وليس مباشرةً ولكن في حالة وجود مهددات تبقى المؤسسة العسكرية موجودة وحاضرة لمجابهة هذه المهددات

ممسكات وطنية!

أما الأستاذ محمد الهادي محمود

الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد فهو يعتقد أن الأولوية الآن لوقف هذه الحرب ومن ثم تكوين فترة انتقالية ذات برنامج مرحلي ومحدود لإعادة الحياة للوطن والعمل على جعل الحياة ممكنة من مأكل ومشرب وعلاج وإعادة الأمن وهذه هى الأولويات التي يجب أن تتولاها حكومة انتقالية من الكفاءات المستقلة تماماً ولم تتولى أي مناصب دستورية سابقة.

ومن ثم نبدأ مرحلة الإعمار ببرنامج مرحلي لإعادة البنيات التحتية التي أصابها الإنهيار التام ، وأنا هنا لاأتحدث عن مشروع سياسي فقط وانما أعني مشروع وطني ظللنا ننتظره منذ الإستقلال مشروع تجتمع عليه كل القوى المدنية والسياسية والأهلية والمجتمعية وتتراضى على وضع ملامح دستور دائم للسودان تجد فيه الأقلية حقوقها قبل الأغلبية ،وتحدد فيه هويتنا ونحدد (كيف نحكم؟) ونتداول السلطة سلميا حتى نجعل للوطن ممسكات وطنية كبيرة نترفع فيها عن الصغائر وعن أي مصالح حزبية وتحقيق التقسم العادل للسلطة والثروة فهذا هو المشروع الوطني الكبير الذي ننتظره ،

استمرارية المؤسسة العسكرية

أما بشأن المؤسسة العسكرية أقول إن هذه المؤسسة ظلت صاحبة النصيب الأكبر في حكم السودان ولها دورها العظيم في حفظ البلاد من المهددات الأمنية داخلياً وخارجياً ويحب أن تظل هذه المؤسسة ذات عقيدة مبنية على هذا الفهم العظيم والكبير وحامية للدستور الذي نتفق عليه ولكن بمجرد الإنتهاء من وضع المشروع الوطني ينتهي دور هذه المؤسسة العسكرية للتجه لحماية أمن الدولة ويجب أن نجعل من هذا المشروع الوطني (وحدة وطنية) ولن نفقد الأمل..ولن يسقط غصن الزيتون من يدنا ابدأ بإذن الله ..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى