زهير عبدالله مساعد: التحديات التي تواجه مشروعات إنتاج الطاقة في السودان، الرؤية والحلول
متابعات -تسامح نيوز

زهير عبدالله مساعد: التحديات التي تواجه مشروعات إنتاج الطاقة في السودان، الرؤية والحلول.
أولًا: مقدمة
تُعدّ الطاقة أحد المحاور الاستراتيجية لأي نهضة اقتصادية وتنموية. وفي السودان، تمثل مشروعات إنتاج الطاقة تحديًا كبيرًا نظرًا لعدة عوامل سياسية، واقتصادية، وتقنية، وجغرافية. ورغم امتلاك البلاد لموارد طبيعية ضخمة (مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والموارد المائية)، فإن مستوى الاستفادة منها لا يزال محدودًا.
ثانيًا: التحديات الرئيسية
1. التحديات السياسية والأمنية
• عدم الاستقرار السياسي المتكرر يُؤثر سلبًا على جذب الاستثمارات الأجنبية لمشروعات الطاقة.
• النزاعات المسلحة في بعض المناطق تُعيق إنشاء البنية التحتية للطاقة.
• ضعف السياسات الموحدة وعدم وجود خطة قومية طويلة المدى لإدارة الطاقة.
2. التحديات الاقتصادية
• عجز الميزانية الحكومية يعوق تنفيذ مشروعات الطاقة الكبرى.
• الديون الخارجية والقيود المفروضة على التحويلات المالية تقلص فرص التمويل الخارجي.
• ارتفاع تكلفة المعدات والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج الطاقة.
3. التحديات التقنية والبنية التحتية
• تهالك شبكات الكهرباء الحالية وتدميرها بواسطة الدعم السريع .
• نقص الكوادر الفنية المدربة في مجالات الطاقة المتجددة وهجرتها خارج البلد.
• اعتماد كبير على مصادر تقليدية (مثل الوقود الأحفوري) وعدم تنويع مصادر الطاقة.
4. التحديات البيئية والجغرافية
• الفيضانات ومواسم الجفاف تؤثر على استقرار الإنتاج الكهرومائي.
• اتساع الرقعة الجغرافية وصعوبة الوصول إلى المناطق الريفية والنائية.
5. ضعف التشريعات والتنظيم
• قصور في القوانين المحفزة للاستثمار في قطاع الطاقة.
• غياب الأطر التنظيمية الشفافة التي تسهل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ثالثًا: الرؤية المستقبلية لمشروعات الطاقة في السودان
الرؤية تقوم على بناء قطاع طاقة متنوع وآمن ومستدام، يعتمد على المصادر المتجددة، ويُعزز الأمن الطاقي والاقتصادي للدولة.
مرتكزات الرؤية:
1. تنمية الموارد المتجددة: استغلال الطاقة الشمسية والرياح .
2. التوسع في محطات الطاقة الكهرومائية .
3. التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
4. الشراكة مع القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الخارجية.
5. الربط الكهربائي الإقليمي مع دول الجوار.
رابعًا: الحلول المقترحة
1. حلول سياسية وإدارية
– تشكيل هيئة قومية للطاقة المستدامة تُشرف على التخطيط والتنفيذ.
– توفير استقرار سياسي وأمني لتشجيع الاستثمارات.
2. حلول اقتصادية وتمويلية
– تفعيل نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
– الاستفادة من التمويلات الدولية مثل صندوق الطاقة المتجددة والبنك الإفريقي للتنمية.
– إعفاءات ضريبية وتحفيزات للمستثمرين في الطاقة النظيفة.
3. حلول فنية وتكنولوجية
– تحديث شبكات الكهرباء وتوسيعها لتشمل المناطق النائية.
– تبنّي تكنولوجيا الطاقة الشمسية وتوفير الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
– إنشاء مراكز تدريب للطاقة المتجددة لتأهيل الكوادر الوطنية.
4. حلول تشريعية وقانونية
– وضع تشريعات واضحة ومحفزة للاستثمار في قطاع الطاقة.
– إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة لضمان الشفافية والمنافسة العادلة.
5. حلول بيئية وتنموية
– تصميم مشروعات تراعي البعد البيئي والاستدامة.
– تشجيع المجتمعات المحلية على المشاركة في مشاريع الطاقة اللامركزية.
رؤية الابتكار وتنمية المهارات والاستفادة من الموارد المحلية في مشروعات الطاقة بالسودان
سادسًا: الابتكار المحلي وتنمية المهارات في قطاع الطاقة
1. تعزيز الابتكار والبحث العلمي
– إنشاء مراكز بحوث للطاقة المتجددة في الجامعات السودانية تُعنى بتطوير تقنيات بسيطة ومنخفضة التكلفة تناسب البيئة المحلية.
– دعم المشروعات الابتكارية الطلابية في مجالات الطاقة الشمسية والبيوغاز، ومنح جوائز سنوية لأفضل الحلول الريفية.
– تمويل الشركات الناشئة (Startups) التي تقدم حلولًا إبداعية لتحديات الطاقة في القرى والمعسكرات والمناطق الزراعية.
2. تشجيع الصناعات المحلية في مجال الطاقة
– تطوير مصانع محلية لإنتاج الألواح الشمسية، البطاريات، المراوح الهوائية، والسخانات الشمسية باستخدام مواد سودانية مثل الألمنيوم والزجاج.
– ربط المشاريع الحكومية بقطاع التصنيع المحلي من خلال عقود تفضيلية تشترط الاعتماد على منتجات سودانية بنسبة معينة.
– تحفيز الصناعات التحويلية للاستفادة من المخلفات الزراعية (كسيقان الذرة والقطن) في إنتاج الطاقة الحيوية.
3. تمكين المهارات الشخصية والمهنية
– إدراج برامج تدريبية وطنية في التعليم المهني والتقني (TVET) لتأهيل فنيي الطاقة الشمسية والكهرباء الريفية.
– إطلاق منصات إلكترونية للتعلم الذاتي والتدريب على تركيب وصيانة الأنظمة الشمسية ومولدات البيوغاز.
– تشجيع التعاون بين الجامعات والقطاع الصناعي لتقديم التدريب العملي للطلاب في مشاريع الطاقة المتجددة.
4. تحفيز روح ريادة الأعمال
– توفير حاضنات أعمال في كل ولاية لدعم رواد الأعمال في مجالات الطاقة.
– تقديم قروض صغيرة بلا فوائد للشباب والمخترعين الذين يؤسسون مشاريع في مجال الطاقة النظيفة.
– تنظيم معارض وطنية سنوية للابتكار في الطاقة لعرض النماذج الناجحة وتشجيع التنافس البناء.
سابعًا: الاستفادة من الموارد المحلية
استغلال الرمال الزجاجية في شمال السودان لإنتاج الخلايا الشمسية.
استخدام النفايات الزراعية كمدخل لإنتاج الفحم الحيوي والطاقة الحرارية.
تسخير الطاقة المائية الصغيرة (Micro Hydropower) في القرى القريبة من الأنهار.
تصنيع أنظمة تسخين المياه الشمسية من الخردة المعدنية في ورش محلية بأسعار زهيدة.
خـــاتــمة
رغم التحديات الكبيرة التي تواجه مشروعات إنتاج الطاقة في السودان، فإن البلاد تمتلك إمكانات ضخمة تجعلها مؤهلة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة. إن تبنّي رؤية واضحة، مدعومة بإرادة سياسية، واستقرار تشريعي واقتصادي، سيمكن السودان من تحقيق نهضة حقيقية في هذا القطاع الحيوي.