زار بورتسودان جهرا.. مدير المخابرات الأثيوبي، فحص الملفات الملغومة
متابعات | تسامح نيوز

زار بورتسودان جهرا.. مدير المخابرات الاثيوبي، فحص الملفات الملغومة
خبير استراتيجي: اثيوييا تسعى لقطع التقارب السوداني الاريتري
الزيارة ناقشت ملفات سياسية وأمنية متشابكة، في مقدمتها ملف سد النهضة.
زار وفد بقيادة مدير المخابرات الاثبوبية رضوان حسين العاصمة المؤقتة بورتسودان يرافقه حاكم إقليم تيغراي السابق ومستشار رئيس الوزراء الإثيوبي لشؤون شرق إفريقيا قيتاشو ردا، زيارة الجنرال الاثبوبي قابلها تجاهل متعمد من الحكومة السودانية واعلامها الرسمي، مقابل اهتمام الاعلام الاثيوبي.
.وتاتي الزيارة فى ظل تقدم يحققه الجيش السوداني على الارض، فى مقابل استمرار دعم متنوع تقدمه دول جوار السودان على لمليشيا الدعم السريع. ايا كانت الاسباب التى قادت مدير المخابرات الاثبوبية الى بورتسودان لكن المؤكد ان بورتسودان دارات ظهرها لابى احمد الذى اعتقد انه متى ما غسل يديه من دعم اعداء البرهان سوف يصافحه.
عزم إثيوبيا:
وقال مدير المخابرات رضوان حسين، في تغريدة عبر منصة إكس،:” إن الوفد نقل رسالة من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مؤكدًا عزم إثيوبيا الراسخ على دعم السودان في استعادة السلام والاستقرار، كما أشار إلى أنهم شاركوا تجربة إثيوبيا مع المسؤولين السودانيين.”
مآزق آبي أحمد:
الخبير الامني اللواء الهادى عبد الباسط اوضح لـ (تسامح نيوز)، ان زيارة الوفد الأمنى الإثيوبي للسودان تاتى مع علم الرئيس آبى أحمد بكثافة تعقيد أوضاعه الداخلية فى ظل تمرد كل الأقاليم ضده، “تغراي، امهرا، عفر ،بنى شنقول”، وحتى قبيلته” الأرومو” مع توتر خارجى مع إريتريا والصومال ومصر وفتور فى علاقته مع جبوتى والإمارات، ويضيف :”آبى أحمد يعلم أن مساندة السودان للأمهرا أو التغراى يعنى مباشرة سقوط حكمه ولذلك سارع فى إرسال هذا الوفد بغرض تعديل موقفه المساند لقوات الدعم السريع المتمردة .
تنظيف الموقع:
وبحسب اللواء الهادى ،فقد اتخذت السلطات الإثيوبية اجراءات وقبل تحرك الوفد إلى السودان، حيث طردت منسوبى قوات الدعم السريع ومنسوبى أحزاب إ ئتلاف صمود المتواجدين فى العاصمة أديس، وقصد الإثيوبيين بهذه الخطوة إستجداء السلطات السودانية عدم فتح الحدود للحركات المتمردة فى إقليمى “امهرا وتغراى” والإقليمين لديهما حدود مشتركة مع السودان .
موعد قطف الثمار:
ويواصل ا اللواء الهادى، ان لسودان يفهم جيدا “المأزق الذى يعيشه آبى أحمد” الذى كان يقود حلفا مع الإمارات لدعم قوات الدعم فى إطار تقسيم السودان ومن ثم الإستحواذ على منطقة الفشقة الصغرى والكبرى فى شرق السودان عبر دعم إسرائيلى إماراتى.

تطور لافت:
وفى المقابل يرى الباحث والكاتب في الشؤون الأفريقية د. محمد تورشين ان زيارة مدير المخابرات الاثبوبية المفاجئة، تمثل تطورًا لافتًا في العلاقات السودانية-الإثيوبية، وتأتي في توقيت بالغ الحساسية بالنظر إلى التحديات الإقليمية التي تواجه البلدين. ضم الوفد مدير جهاز المخابرات الإثيوبي، رضوان حسين، ومستشار رئيس الوزراء الإثيوبي لشؤون شرق إفريقيا، قيتاشو ردا، وهو أيضًا حاكم إقليم تيغراي السابق، ما يمنح الزيارة بعدًا رمزيًا وسياسيًا يتجاوز القضايا الثنائية الظاهرة، ويعكس تداخلاً واضحًا بين ملفات الداخل الإثيوبي والخارج الإقليمي.
هل تزيل التوترات؟
ويلفت تورشين لـ (تسامح نيوز)،الى تغريدة رضوان على منصة إكس حول زيارته، لكنه يقول أن الطابع الرسمي الذي أُحيطت به الرسالة لا يخفي أن الزيارة جاءت وسط حالة من الفتور في العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، وتوترات صامتة تتغذى من ملفات سياسية وأمنية متشابكة، في مقدمتها ملف سد النهضة، والتقارب الإثيوبي مع أطراف سودانية تُعتبر مناوئة للحكومة الحالية في بورتسودان، فضلًا عن اللقاءات التي أجراها آبي أحمد مع قادة قوات الدعم السريع.
ورغم أهمية الزيارة، امتنعت وسائل الإعلام السودانية الرسمية عن تغطيتها، على عكس الإعلام الإثيوبي الذي قدّم تغطية موسعة حملت إشارات إيجابية ووصفت الزيارة بأنها تأتي في إطار تعزيز علاقات حسن الجوار. هذا التباين في التغطية يعكس بوضوح حساسية العلاقات الثنائية،

والمخاوف داخل السودان من أن يُفهم الانفتاح على أديس أبابا كإعادة اصطفاف سياسي قد يُغضب حلفاء تقليديين مثل مصر وإريتريا. فالخرطوم تجد نفسها اليوم في موقع معقد، إذ تحاول موازنة علاقاتها الإقليمية في لحظة تتسم بسيولة المشهد السياسي والأمني، داخليًا وخارجيًا.
البحث عن الموقع:
ويمضي تورشين الى ان الزيارة تشكل امتدادًا لمساعي إثيوبيا للتموضع كفاعل إقليمي قادر على التواصل مع مختلف الأطراف، وإعادة نسج العلاقات مع الخرطوم رغم ما شابها من توتر خلال السنوات الأخيرة. إذ سبق أن اتهمت الخرطوم إثيوبيا بدعم فصائل مسلحة، فيما اشتكت أديس أبابا من الدعم السوداني للموقف المصري في قضية سد النهضة. ومع أن زيارة آبي أحمد لبورتسودان في يوليو الماضي بدت كمحاولة لفتح صفحة جديدة، فإنها لم تنجح في تبديد الشكوك، خاصة مع استمرار التباين في المواقف إزاء القضايا الإقليمية.
ترميم علاقات:
وينبه محدثي الى ان وجود قيتاشو حاكم اقليم تقراي سابقا، ضمن الوفد يحمل دلالات مهمة ــ فالرجل يمثل طرفًا رئيسيًا في النزاع الذي شهدته إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية وإقليم تيغراي، وهو صراع خلّف تداعيات عابرة للحدود، خصوصًا على العلاقة مع السودان الذي استقبل آلاف اللاجئين الهاربين من الحرب.
وقد يبدو إدراجه في الوفد كمؤشر على محاولة إثيوبيا توظيف ملف المصالحة الداخلية لتقوية أوراقها الإقليمية، من خلال تقديم نفسها كدولة تجاوزت صراعاتها الداخلية وتطمح الآن للعب دور إيجابي في جوارها المباشر. إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا، خاصة أن اتفاق بريتوريا للسلام بين الحكومة الفيدرالية والتيغراي لا يزال هشًا، وأن هناك مؤشرات على استمرار التوتر بين الطرفين، في ظل تصريحات إريترية نارية ضد الحكومة الإثيوبية، تتهمها بأنها أداة في يد أطراف أجنبية، وتدعو الشعب الإثيوبي إلى الاستعداد لمعارضتها.

صراع القرن:
ويقول الباحث فى الشؤون الافريقية،في هذا السياق، تكتسب العلاقة السودانية-الإثيوبية بعدًا جديدًا، يتجاوز الحسابات الثنائية إلى صراع أوسع على النفوذ الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي.
فإريتريا التي دعمت الجيش السوداني في مواجهته مع قوات الدعم السريع، ترى في تقارب الخرطوم مع أديس أبابا تهديدًا لمصالحها، وقد عبّرت عن ذلك صراحة في تصريحات رسمية. أما مصر، فتنظر إلى التحركات الإثيوبية بعين الريبة، خصوصًا في ظل تعثر مفاوضات سد النهضة، وتلويح إثيوبيا المستمر بالمضي قدمًا في استراتيجيتها المائية دون الرجوع إلى اتفاقات تقاسم المياه.
لتأمين المصالح:
ويمضى تورشين بقوله :”إذا كانت زيارة الوفد الإثيوبي تهدف إلى احتواء التوترات مع السودان وتقديم تطمينات سياسية، فإنها قد تكون أيضًا جزءًا من استراتيجية أوسع لتأمين المصالح الإثيوبية في بيئة إقليمية مضطربة. إذ تسعى أديس أبابا إلى تعزيز حضورها كوسيط فاعل في الملفات الإقليمية، مستفيدة من حالة الفراغ الدبلوماسي التي أحدثتها انشغالات القوى الدولية بالحرب في أوكرانيا والتوترات الآسيوية. لكن هذا الدور يظل محفوفًا بالتحديات، لا سيما إذا لم تتمكن الحكومة الإثيوبية من ضمان استقرارها الداخلي، أو إذا استمرت في إرسال إشارات مزدوجة للأطراف السودانية المتصارعة”.
كل الكروت:
في المحصلة، تعكس زيارة الوفد الإثيوبي إلى بورتسودان دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين، تتأرجح بين التهدئة والاستقطاب. فقد تكون محاولة إثيوبية للعودة إلى قلب المعادلة السودانية، أو خطوة استباقية لتأمين موقع تفاوضي متقدم إذا ما نضجت مبادرات التسوية في السودان. لكن نجاح هذه المساعي سيظل مرهونًا بقدرة أديس أبابا على بناء الثقة مع الخرطوم، وتقديم التزامات واضحة لا تُفهم على أنها محاولة لفرض أجندة إقليمية تتجاوز الإرادة السودانية. في المقابل، سيبقى أمام السودان تحدي الموازنة بين علاقاته المتشعبة، وتحديد مصالحه الحيوية في سياق يتغير بسرعة، وبشكل قد يُعيد رسم خرائط النفوذ في الإقليم برمّته.





