اقتصاد

تردي الاوضاع الاقتصادية..تحذيرات من الاطاحة بحكومة الفترة الانتقالية

الخرطوم – تسامح نيوز

حذر مراقبون من ان يُعجل تردي الأوضاع الاقتصادية بانتهاء الفترة الانتقالية لحكومة الثورة ، لجهة ان المواطنون بعد الثورة أملوا في تحسن أوضاعهم الاقتصادية
، الا ان آمالهم باءت بالفشل ، والان تبدو الأوضاع أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل الإطاحة بالنظام السابق، فالتضخم وصل أرقاما فلكية جاوزت نسبته في شهر يونيو 422% وانخفضت قيمة الجنيه واصبح سعر صرفه مقابل الدولار 450 جنيه، فضلا عن معاناة المواطن في الحصول على خبز جيد لجهة ان المدعوم بات رديئا للغاية وبسعر مناسب لان هنالك خبز تجاري يضطر المواطن لشرائه، بجانب زيادة فاتورة النقل بصورة كبيرة بسبب رفع الدعم عن الوقود الامر الذي انعكس سلبا على تعرفة المواصلات التي باتت لا تحتمل، ناهيك عن اسعار العلاج والادوية، علاوة الى المعاناة من قطوعات الكهرباء وزيادة أسعارها لأرقام فلكية ضاعفت معاناة المواطنين، وبالتالي وفقا لهذه المعطيات باتت الأوضاع الاقتصادية تعصف بأحوال السودانيين يوما بعد آخر دون حلول في الأفق.

ورغم ان وزراء الحكومة الانتقالية بدءأ من رئيس مجلس الوزراء ظلوا يذكرون انجازات حكومتهم وكيف أنها أخرجت البلاد العام الماضي من قائمة الدول الراعية للإرهاب وأنهت بذلك مرحلة طويلة من الحصار الاقتصادي وبدأت معها عهد يتكامل فيه اقتصاد السودان مع اقتصاد العالم، بما يفتح الطريق لرفع عبء الدين الخارجي -أكثر من 60 مليار دولار- وإعفاء المتأخرات للمؤسسات المالية الدولية، واعفاء نادي باريس ل14 مليار دولار من ديون السودان.
وفي الشأن يرى الخبير الاقتصادي د.محمد الناير أن الحكومة الانتقالية لم تفعل سوى السير بذات خطى النظام السابق وانعدام الرؤية الوطنية وانتظار حلول الآخرين، عاقدا مقارنة بين ما واجهته حكومة البشير في العام 2011 حين انفصل جنوب السودان حاملا معه، 70% من عائدات النفط كانت تمثل 50% من إيرادات الموازنة فواجه أوضاعا صعبة، لأنه لم يستفد من الموارد التي توفرت وقتها في تحريك عجلة الاقتصاد وتنفيذ تنمية مستدامة، واتجه وبسبب نظام البشير نحو دول الخليج وانخرط في حرب اليمن للحصول على مساعدات حصل عليها بالفعل لكنها لم تحل عقدة الاقتصاد.
ويتابع “الآن نفس الوضع يستمر بيد الحكومة الانتقالية التي تعول على أموال الخارج وفي ظل انتهاء الحصار هي تنتظر مساعدات من مؤسسات التمويل الدولية، والمشترك بين النظامين هو الاعتماد على الخارج مع إهمال تام لتحريك قطاعات إنتاج سوداني فكان من الطبيعي أن تكون النتيجة واحدة”.
ويحذر عميد كلية الاقتصاد بجامعة امدرما الاسلامية د.محمد خير من إصرار الطاقم الاقتصادي للحكومة، على التماهي مع توجهات وسياسات الصندوق والبنك الدوليين، وقطع بأنه يضع الحكومة في حالة تصادم، لا مفر منه، مع الشعب، مبينا في حديثه ل”تسامح” ان روشتة الصندوق محتاجة وضع خطة معينة .

ومع ذلك هنالك من يؤكد بأن الحكومة ورغم التردي الاقتصادي، حققت مكاسب اقتصادية بالعودة أخيرا إلى النادي المالي العالمي الذي يكفل للسودان الحصول على قروض من الصناديق الدولية حرم منها لأكثر من عقدين، وهو ما يفتح الباب لبناء مشروعات ضخمة في المستقبل، غير أن المحلل الاقتصادي عبد العظيم المهل يقول إن عودة السودان للمؤسسات العالمية ليس سوى مخرجا بطيئا للأزمة ولا يقدم أي حلول لمشاكل الناس الآنية، خاصة أن تعهدات البنك الدولي بالمساعدة ستوظف لمشروعات بعيدة المدى، ويؤكد المهل أن أزمة الحكومة تكمن في سوء التخطيط والإدارة وعدم القدرة على ابتداع حلول وانعدام الخبرة، كما أن أولوياتها تختلف عن المواطن حيث تركز جهدها على قضايا السلام والأمن والحركات المسلحة، ويتم الصرف على هذه البنود بشكل أعلى، وهو ذاته نسق النظام السابق المؤدي للتردي والانهيار.

ويؤمن محمد خير على أن الانفتاح على العالم الخارجي، وغيره من مكاسب دبلوماسية، لن تكون بديلا عن المطالب الملحة للمواطنين، فالغلاء الطاحن، وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية، تدفع بالمزيد من المواطنين إلى الفقر، بأكثر مما كان عليه الوضع في ظل حكم البشير، وهو علامة فشل للحكومة، لا يقلل منها إعادة ترتيب الأولويات التي تعطي الإنجازات الخارجية موقعا متقدما.
وكمخرج من عنق الزجاجة يقول المهل إن على الحكومة الانتقالية “قلب الهرم” بوقف الصرف على قطاعات الأمن والدفاع والسيادي وتحويل نسبة 80% التي كانت مخصصة لتلك البنود إلى التعليم والصحة والصناعة، على أن تذهب 20% لتلك القطاعات مع وضع حلول آنية مستعجلة للمشاكل بالبحث عن صيغ تمويل بنظام البوت أو غيره، إضافة إلى إعادة الروح للمؤسسات الحكومية، على رأسها شركة الأقطان ومؤسسات الصمغ والسكر والتعدين والحبوب الزيتية، لأن بمقدورها معالجة مشكلة النقد الأجنبي حين تحتكر بيع وشراء المحاصيل وتصدرها ليذهب العائد للبنك المركزي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى