المقالات

بدر الدين حسين على يكتب : بعد الغروب.. الشمالية.. دولة تحارب المزارعين..!!

* الولاية الشمالية علي مر تاريخها ظلت ارض الزراعة التي تساهم بالنصيب الاكبر في انتاج الغذاء لاهل السودان، في ذات الوقت الذي ظلت فيه الاقل نصيبا في التنمية، غير ان اهل الشمالية لم يركنوا لفعل الحكومات السالب تجاه الولاية، بل عمدوا الي استنفار ابناء الولاية في كل فج عميق لبناء صروح التعليم والصحة وحل مشاكل المياه وغيرها من الخدمات الاخري التي عجزت عنها الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال.

* ولما كانت الزراعة هي الحرفة الرئيسة لاهل المنطقة، فقد ظلت معاناة اهل الشمالية تتجدد ما بين ارتفاع اسعار الجازولين وسياسات البنك الزراعي والجبايات التي تفرضها الحكومة حتي قال المزارعون قولتهم المشهورة في بدايات عهد حكومة الانقاذ في ظل صعوبة الحصول علي الجازولين وارتفاع تكاليف الانتاج وغلاء اسعار الاسبيرات وكثرة الجبايات علي المزارع من زكاة واستنفار وترعة كنانة والرهد وكيلة المجاهد، وغيرها وغيرها وحتي الطير كان له نصيب في ذلك فقالوا قولهم المشهور ( تلت للاسبير وتلت للزبير وتلت للطير والمزارع فاعل خير). رحم الله الزبير وغيض الخير لاهل الشمالية.
* واليوم في ظل حكومة استقال رئيس وزراءها وظل وزير ماليتها يزاول عمله في اغرب ظاهرة سياسية كونية، وبدون اصدار قرار علي الملا او اجازة معلنة للميزانية من جهة شرعية، باعتبار ان الانقلاب جعل الوثيقة الدستورية هي المرجعية، والوثيقة تتحدث عن اجازة الميزانية في البرلمان وفي غيابه يصبح مجلس الوزراء ومجلس السيادة مجتمعين برلمانا الي حين ان ينشأ البرلمان، وهذا واقعا غير متاح، فاين البرلمان اذا الذي اجاز هذه الميزانية ؟
* وهذه الميزانية التي لا شرعية لها عملت علي زيادة اسعار الكهرباء ولم تراعي في ذلك التمييز بين القطاع السكني والزراعي و الصناعي، فكان ان ارتفعت نسبة الكهرباء علي مزارعى الولاية الشمالية بنسبة تفوق ٢٢٠٠٪ ، في الوقت الذى كان الحلم الذى يراود اهل الشمالية هو كهربة المشاريع الزراعية، غير ان الحلم الذي تحقق اصبح اليوم كابوسا جسم علي صدور مزارعى الشمالية.
* هذه الحكومة التي لا تحترم منتجيها وتوفر لهم كل امكانيات دفعهم نحو مذيد من الانتاج هي حكومة فاشلة، واليوم ان خرج اهل الشمال في تظاهراتهم ضد قرارات زيادة الكهرباء فان هذا من حقهم، خاصة وان المشاريع الزراعية العاملة بالجازولين تكبدت خسائر فادحة لذات السياسات الحكومية الرعناء في العام السابق، اذ عملت علي رفع قيمة الوقود بعد بداية الموسم الزراعي مما ادخل المزارعين في خسائر فادحة جعلتهم يمتنعون من الزراعة هذا العام.
* وهاهي الحكومة تكرر ذات الخطأ وهي تعمل علي زيادة اسعار الكهرباء بعد ان قطع الموسم الزراعي نصف المشوار لتكبد المزارعين خسائر فادحة لتلحقهم باصحاب المشاريع التي تعمل بالجازولين.
* ان خرج اهل الشمالية وقطعوا طريق شريان الشمال تتريسا فلا احد يلومهم في ظل حكومة تحارب المنتجين ولا تبحث عن اثار قراراتها عليهم، وهذا يقودنا لعدة اسئلة من شاكلة كيف يفكر من يحكمون هذه البلاد، وما هي الية اصدار مثل هذه القرارات، اليس هنالك دراسة لايجابيات وسلبيات كل قرار يتم اصداره.
* لكن يبقي دوما ان الخلل القائم الان في ظل وجود وزراء سقطت حكومتهم باستقالة رئيس وزراءها وهم يعملون، فليس غريبا عليهم ما يفعلون، ولكن تظل قضية مزراعي الولاية الشمالية قضية عادلة، وقطعا لن يضيع حق يقف وراءه اهله بهذه القوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى