المقالات

طارق محمد عمر يكتب

تسامح نيوز  – الخرطوم

 

الدور الأمريكي في صناعة إنقلاب مايو 1969 :
في سنة 1952 ارسلت المخابرات الامريكية أحد ضباطها تحت مسمى ( ضابط اتصال ) لاغراض التسليم والتسلم ميدانيا بينها والمخابرات البريطانية .. شملت الإجراءات تسليم وتسلم العملاء والجواسيس في مؤسسات الدولة بما فيها الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية .. ومن بينها الشيوعي غير المعترف به حزبا سياسيا من قبل المستعمر .. فاطلق على كيانه إسم الجبهة المعادية للإستعمار .
ركزت المخابرات الأمريكية على دراسة الحزب الشيوعي تفصيلا واختراق لجنته المركزية .. خلصت إلى أنه التنظيم الانشط والاكفا في المنطقة ويشكل تهديدا للمصالح الأمريكية والغربية .. عملية تبادل المعلومات بين المخابرات الأمريكية والفرع المخصوص ( مخابرات السودان ) تركزت على النشاط الشيوعي وكيفية تحجيمه .. شخصية عبد الخالق محجوب الدكتاتورية ولاستعراضية ساعدت الجانب الأمريكي على زرع عميل عضوا في اللجنة المركزية وقد نال اعجاب عبد الخالق وثقته المطلقة .. حدث ذلك رغم تحذيرات المخلصين من اعضاء اللجنة ومنهم ابراهيم حاج عمر .. ولاجل تقليم مخالب التنظيم الشيوعي زين له تكوين خلايا انقلابية في الجيش .. وتم الابلاغ عنها بدارا قبيل كل انقلاب .. فاعدم منهم عبود نفرا غير قليل .. وكانت المخابرات الأمريكية قد كلفت الاستخبارات المصرية بتكوين خلايا للضباط الاحرار داخل الحيش السوداني ابتداء من العام 1952 .. كان ابرز اعضائها جعفر نميري وخالد حسن عباس وآخرين .. لم يعدم ايا من الضباط الاحرار رغم مشاركتهم في المحاولات الانقلابية الشيوعية ابان حكم عبود اذ كانت تبرئهم المحاكم العسكرية التي لطالما تراسها ضابط رفيع على صلة بالحكومة المصرية .. بعد اعتراف حكومة سر الختم الخليفة الانتقالية عقب الاطاحة بنظام عبود ازداد نشاط الحزب الشيوعي واستهدف قيادات امنية وبوليسية محسوبة على الدول الغربية سبق ان نكلت بعضوية الشيوعي .. واضح ان ماتفوه به الطالب شوقي المحسوب على الشيوعي من اساءات لبيت النبي محمد كان مرتبا من قبل المخابرات الامريكية لحل الحزب وطرد نوابه من البرلمان ومهاجمة دوره جماهيريا .. هذا الواقع المرير كان سببا لاستدراج الحزب لتنفيذ انقلاب 25 مايو 1969 لاغراض انتقامية .. لم تكن المخابرات السوفيتية متحمسة للانقلاب لعلمها بوجود شبهة اختراق في قمة الحزب حسبما توفررلديها من معلومات لكنها وافقت على مضض .. بعد تنفيذ الانقلاب زرعت الادارة الامريكية احد ابرز رحالاتها السودانيين وزيرا مركزيا ومايو شيوعية حمراء .. شك عبد الخالق في الأمر ونوايا النميري ومجموعته فاثر الإنسحاب ووصف النظام بالبرجوازية الصغيرة فانشق الحزب بين معارض ومؤيد .. وتم توريط الحزب في مجزرتي الجزيرة ابا وودنوباوي واعتقال كبار الساسة وتاميم ومصادرة الشركات الخاصة الأجنبية والوطنية .. تم تحريك العميل المزروع في اللجنة المركزية فزين لعبد الخالق انقلاب 19 يوليو 1971 الذي افشلته المخابرات الامريكية والبريطانية والمصرية بعد 3 ايام من تنفيذه .. واعدم على إثره عبد الخالق والشفيع وجوزيف قرنق وثلة من كبار الضباط الشيوعيين .. كانت تلك نهاية ماساوية لاعرق تنظيم سياسي سوداني .. الغريب أن القيادة الحالية للحزب لم تعي الدرس بعد .. فها هي تتورط في مناصرة المتمردين ضد القوات المسلحة السودانية وكل ذلك بتخطيط امريكي غربي .. اتصحها بمراجعة الصفوف حتى لاتتكرر الماساة .
إن الأيام حبالى يلدن كل جديد .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الثلاثاء 24 ماايو 2022 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى