أخبار

عريب الرنتاوي يكتب: القضية الفلسطينية بين نظريتين: “إدارة النزاع” أمريكياً و”حسم الصراع” إسرائيليا

تسامح نيوز | الخرطوم 

مع نشر هذا المقال، يكون الوزير الأمريكي أنطوني بلينكن قد بدأ جولة جديدة في الشرق الأوسط ستأخذه إلى مصر والضفة الغربية وإسرائيل، وهي الأولى له منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي أجمع المراقبون على وصفها بالأكثر تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية.
وفيما الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يدخل مع حكومة نتنياهو السادسة، حقبة استراتيجية جديدة، يبدو أن جعبة الوزير الأمريكي، محشوة بالأوراق والأفكار القديمة، التي لم تفلح من قبل في إحراز تقدم جدي، لا على دروب السلام والتهدئة، ولا على طريق “تحسين ظروف حياة الفلسطينيين”، ومن المؤكد أنها لن تحرز من بعد، هدفاً كهذا، سيما بعد انتقال قوى الفاشية والعنصرية من هامش الخريطة الحزبية الإسرائيلية إلى مركزها.
مشكلة إدارة بايدن، ووزيرها، أنهما ما زالا يؤمنان بنظريات “إدارة الصراع، تقليصه واحتوائه”، ويعتقدان أنها تخدم على نحو أفضل، مصالح واشنطن في الإقليم، في حين تقف على رأس مؤسسات صنع القرار السياسي والأمني في إسرائيل، قوى وأحزاب وشخصيات، تتبنى عقائدياً وسياسياً فكرة أخرى: “حسم الصراع” مع الفلسطينيين، بفرض رؤية إسرائيل وخرائطها للحل النهائي، من جانبٍ واحدٍ، ومن منطلق استشعار “فائض قوة” يمكّنها من فعل ذلك.
قبل أن يصل إلى المنطقة، كان بلينكن ورهط من الناطقين الأمريكيين، يعربون على القلق من “تزايد أعمال العنف” في الضفة، ويدعون الأطراف لضبط النفس، وينددون باستهداف المدنيين، ويطالبون بتعزيز التعاون والتنسيق بين السلطة وإسرائيل في شتى المجالات، أهمها “الأمني والاستخباري” … لم تكن “مجزرة جنين” كافية لحث الوزير على الخروج على منطق وضع الضحية والجلاد في سلة واحدة، ولم تكن أرواح المئات التي أزهقت في الشهر الأخير، وفي أكثر السنوات (2022) دموية على الفلسطينيين، سبباً وجيهاً يحفزه لتسمية المتسببين بهذه الموجة من العنف والقتل بأسمائهم … وأحسب أن إسرائيل، ويمينها المتطرف بخاصة، لا تريد من واشنطن شيئاً أكثر من هذا، إذ يكفي أنها تعيث في الضفة الغربية قتلاً واستيطاناً وتهديماً للمنازل وتدنيساً للمقدسات وإعدامات في الشوارع، ثم يأتي من واشنطن، من يطالب “الطرفين” بالتهدئة وضبط النفس (؟!) … لا شيء مريح لهؤلاء أكثر من هذا، ولا شيء ينتظرونه من الحليف الاستراتيجي الأول، غير ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى