برلمان القراء

أسامة بيكلو .. جرح فى الخاطر!!

كتب: سراج الدين مصطفى

لم نستشف بعد من الرحيل المؤلم والفاجع للموسيقار محمد الأمين فى منفاه الاختيارى بولاية فرجينيا حتى تعاظم الجرح برحيل رفيق دربه الموسيقار أسامة بابكر التوم الشهير بأسامة بيكلو .. وهو أرتبط بهذه الالة وإرتبطت به حتى غيبت أسمه الحقيقي .

وتجليات أسامه وابداعه مع هذه الالة الساحرة نتج من كونه يتعامل معها كواحد من أفراد الأسرة .. فهو كما حدثنى كثيرا حينما يستقيظ فى الصباح كان يفتح غطاء البيكلو ويقول له (صباح الخير) وفى المساء كذلك .

وهذه الأواصر الوشيجة كان من البديهى أن تنتج عازفا مختلفا ومبهرا ومرغوبا من كل الفنانين بداية من الفرعون محمد وردي الذي ضم أسامة بيكلو لفرقته فى نهاية السبيعينات وهو طالبا بكلية الموسيقي والدراما التى رافق فيها العديد من النجوم الزواهر كان من ضمنهم الفنان الراحل أحمد ربشة .

تسلح أسامة بالعلم فى الكلية مما أفاده كثيرا فى الوضع الأحترافى وذلك ساعده للعمل كأستاذ للموسيقي فى الأمارات العربية المتحدة وهو من شدة محبته للأمارات قام بتأليف مقطوعة موسيقية أطلق عليها أسم ( حبى للأمارات) .

ولأسامة أرتباط وثيقة بالأمكنة فهو رغم أنه يسكن حى أركويت ولكنه لم ينس أبدا حى الحلة الجديدة حيث طفولته ومرتع صباه فكان نتاج تلك المحبة مقطوعة ( جولة فى الحى القديم) والتى حينما تسمعها تصبح وكأنها مشاهد أمامك من دقة التصوير الموسيقى والبراعة العالية فى مخاطبة الأذن بجمل موسيقية قادرة على الطرق على الدواخل بكل حب .

وفى مقطوعته الشهيرة ( شئ فى الخاطر) تمظهرت علاقة الآلفة والمحبة الطاغية للموسيقار محمد الأمين .. ومؤلف شئ فى الخاطر فكرته اللحنية المسيطرة نبعت من الجزئية الأخيرة من أغنية ( همس الشوق) وهى عبارة عن حوار صوتى وألى ما بين صوت محمد الأمين وألة البيكلو .

وهذا الحوار جعل من أغنية همس الشوق هى الأغنية المحببة لجمهور محمد الأمين والتى عادة ما تكون هى أغنية الختام قبل أن يتم أيقافها من الشاعر هاشم صديق إبان قضية الحقوق التى فجرها .

وما يجب أن يذكر أن أغنية همس الشوق كان محمد الأمين لحن الجزء الاول منها فى مطلع الثمانينات وأكمل تلحين بقية النص الشعري فى منتصف التسعينيات وذلك عين ما حدث مع أغنية ( خمسة سنين) التى قدمها محمد الأمين فى الثمانينات من القرن الماضي ثم أكمل تلحين متبقى النص الشعري للدكتور عمر محمود خالد فى الأعوام الأخيرة .

ولكن كلتا الاغنتين حققتا نجاحا كبيرا بعد الأضافات الذكية لمحمد الأمين .. ولعل أسامة أرتبط بشكل واضح بفرقة محمد الأمين وأصبح عنصرا مهما فيها الى درجة أن محمد الأمين كان يضع صولو البيكلو كجزء أساسي فى أي أغنية لمحمد الأمين وذلك يتمظهر بوضوح فى أغنية كلام للحلوة وطائر الاحلام وأغنية بهجة ( جانا الخبر شايلو النسيم) .

وكما أرتبط أسامة بيكلو بمحمد الأمين فهو أيضا ارتبط بعلاقة أبداعية وثيقة بالموسيقار والفنان الراحل صلاح بن البادية ولعل فرقته الموسيقية كانت ترتكز بشكل أساسى على عازف الاكورديون الشيخ صلاح بن البادية وابراهيم ابوعزبة عازف الايقاع المجيد وعازف الكمان اسماعيل عبدالجبار وعبدالله الكردفانى واسامة بيكلو .. تلك هى الأضلاع الأساسية لفرقة صلاح بين البادية.

ٱبداع أسامة بيكلو مع الموسيقي معلوم بالضرورة وهو امتداد وسيم لتجربة الموسيقار موسي محمد ابراهيم الذي قام بتوزيع الملحمة كما لحن العديد من الاغنيات ابرزها ماضي الذكريات لعثمان مصطفى وأغنية يا خاتم المنى للبلابل وهى من كلمات جعفر فضل المولى .

وما يجب ان يذكر أن تفرد وتميز بأنه أول موسيقي سودانى يضع مؤلفات موسيقية لأله البيكلو وذلك عبر الألبوم الشهير ( شئ فى الخاطر) والذي أحتوي على مقطوعات عديدة مثل جولة فى الحى القديم .. حبى للأمارات ..صباح العيد .. وغيرها من المقطوعات الموسيقية ..

وأسامة موسيقار مبدع تلك حقيقة لا يمكن القفذ عليها أو التشكيك فيها .. ولكن بتقديري الخاص أن أسامة بابكر هو أيضا أنسان بمعنى ومبنى الكلمة .. أقول ذلك عن تجربة شخصية وعلاقة ممتدة حتى أصبحت علاقة أسرية وأذكر أننى فى مرض والدتى بالفشل الكلوى ودخولها فى حالة نفسية قاسية كان أسامة بيكلو واحد من الحلول التى أمارسها لأخراجها من حالته النفسية فهو يأتى اليها فى المنزل ويعزف لها بعض الاغنيات التى تحبها .

ولعلى يجب أن أذكر أن كلمة ( أخونا الكبير) أسمعها بحب من أبناء الراحل سعد الدين ابراهيم كما أسمعها من أبناء أسامة بيكلو وكلهم يعتبروننى شقيقهم الأكبر .. وكنت حينما تضيق الدنيا وتتكاثف الهموم كنت ألجأ لاثنين بعد الله سبحان وتعالى .. كنت أبحث عن صديق العمر الراحل ( عاطف محجوب) أو أسامة بيكلو .. فعندهما كانت تتكسر الاحزان وتضحك الدنيا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى