عثمان جلال يكتب : بين عقلانية المؤتمر الوطني وغبينة قحت

الخرطوم تسامح نيوز
(١)
بعد انحياز اللجنة الامنية لإرادة الجماهير المحتشدة في القيادة العامة للقوات المسلحة يوم ١١ ابريل ٢٠١٩ وعزل الرئيس السابق عمر البشير كلف المؤتمر الوطني القيادي العقلاني والحكيم البروف غندور لقيادة الحزب وكان شعار الحزب في مرحلة ما بعد الثورة (صيانة المجتمع ووحدة السودام اولا) وشدد الحزب على احترام تطلعات الشعب في التغيير والديمقراطية وانه سيكون معارضة بناءة وداعمة للمرحلة الانتقالية حتى العبور للانتخابات العامة. وللمؤتمر الوطني ميراث تجربة عميقة في حوارات الاصلاح والتحول الديمقراطي المستدام في السودان فلا غرو فقد شاركت كل القوى السياسية الحية في مؤسسات الدولة خلال سني حكمه من الادنى الى الاعلى بل فان حكومة الوفاق الوطني الاخيرة كانت شبه مناصفة بين القوى السياسية والمؤتمر الوطني ، وخلاصة هذه التجربة رسخت مباديء ان الخلاف مع القوى السياسية حول قضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة هو خلاف تنوع وتباين وليس تضاد وتناقض وان الحوار هو الاستراتيجية لإدارة الخلاف
(٢).
كان الاولى لقوى الحرية والتغيير تعميق قيمة الحوار والحكمة والعقلانية في التعاطي مع قضايا الثورة السودانية، ولكن ظل الغبن والحقد هو المحرك لسلوكهم السياسي تجاه التيار الاسلامي عامة، والمؤتمر الوطني خاصة بدءا بالفصل والتشريد من الخدمة والسجن والقتل غيلة ومصادرة الممتلكات الخاصة وتمليكها لكوادرهم واحزابهم عبر لجنة الفساد المسمأة إزالة التمكين انها ذات العقلية الجنجودية الحالية، وبلغ فجور قحت في الخصومة حتى ارادت تصنيف التيار الاسلامي والذي يملك اكبر حاضنة مجتمعية في السودان جماعة ارهابية في تماهي مع اجندة دويلة الشر الامارات المعادية للمشروع
الديمقراطي في المنطقة العربية ولم تمايز قحت بين تجربة الاسلاميين النسبية في الحكم وهوادي الدين المطلق والراسخة في بنية المجتمع السوداني منذ الازل فشنت حرب شعواء علي هذه الهوادي والقيم حتى كان المجتمع ان ينفجر بصراع الهويات القاتلة ويقع السودان في فخ التشظى والانهيار
(٣).
ولما ادرك المكون العسكري ان سلوك قحت السياسي سيؤدي الي سيناريو حرب الكل ضد الكل اعلن فض الشراكة السياسية واتبع ذلك بخروج المؤسسة العسكرية من السياسة في يوليو ٢٠٢٢، وتحييد القوة الصلبة يصب في عقلنة الصراع السياسي.
لكن بدلا من ان تتداعى كل القوى السياسية في حوار عميق يفضي الى تشكيل كتلة تاريخية استراتيجية لادارة المرحلة الانتقالية ،والانتخابات التوافقية وصولا الى ديمقراطية مستدامة طفقت قحت المجلس المركزي والتي استمرأت شهوة السلطة الى وأد هذا التوجه الاستراتيجي وذلك بالتحالف مع قوات الدعم السريع والروافع الخارجية المعادية لفكرة الديمقراطية في السودان، وأثمر هذا التحالف الشرير الفتنة بين الجيش والدعم السريع والتي انتهت الى الحرب الدموية الماثلة.
(٤).
ارادت قحت المجلس المركزي عبر هذا التحالف الشرير الانتقام من قوى الثورة السودانية التي لفظتهم ، وتصفية التيار الاسلامي الوطني، واقامة نظام استبدادي حراسه مرتزقة ال دقلو واموال دويلة الامارات
انه تحالف المنبتين فكريا وسياسيا وجماهيريا لذلك نزع الى اختطاف الثورة والدولة السودانية بالقوة والتي ارتدت عليهم انه مكر التاريخ حسب تعبير الفيلسوف هيغل
ان اسوأ ما في ثورة ديسمبر ٢٠١٨ انتفاء اهم شرط لنجاح الثورة وهو القائد وفي المفهوم المعاصر تعني القيادة الاحزاب السياسية المنحازة لايديولوجيا الثورة وقضايا البناء الوطني والديمقراطي.
(٥).
رغم الظلم والقهر تداعى شباب المؤتمر الوطني وكوادره مع ابناء الشعب السوداني والقوات المسلحة لهزيمة تحالف قحت المجلس المركزي ومرتزقة ال دقلو ، وهنا يكمن الفرق بين ميراث الحكمة والعقلانية الذي يمايز بين الثوابت الوطنية الكبرى والاجندة الحزبية والشخصية. وحتما ستنتصر ارادة الشعب والقوات المسلحة الباسلة في معركة الشرف والكرامة الوطنية وسيتم تحطيم وتحييد امبراطورية ال دقلو العسكرية والمالية عن السياسة وسترسم الكتلة التاريخية التي صنعت الانتصار في الميدان العسكري المشهد السياسي والفكري حتى يثمر توافقا حول ادارة المرحلة الانتقالية والانتخابات وغرسا ثقافيا ومأسسة للديمقراطية المستدامة
لقد سقطت قحت المجلس المركزي في التعاطي مع قيم واخلاقيات الثورة، وستمضي للعدالة الناجزة امام القضاء والشعب والتاريخ وستكون النتيجة الحتمية قحت البائدة
كما بادت ثمود وعاد وإرم
ومن فش غبينتو خرب مدينتو.