
محفظة السلع الاستراتيجية.. خلل البوصلة أم تضارب المصالح؟
مدير الوكالة الوطنية السابق للصادرات :مافيا استيراد البترول هي المستفيد الأول من وقف العمل بالمحفظة
سمية سيد: اقتصار استيراد المشتقات البترولية بواسطة المحفظة يعني احتكار الاستيراد بواسطة المحفظة”
لمياء كمال ساتي: المحفظة ليست حكراً على أي بنك بعينه،ودعت إلى عدم الجري وراء الشائعات.
تقرير – رحاب عبدالله
في يوليو من العام الحالي 2024 استبشر المواطنين خيرا بعد ان أعلن بنك السودان المركزي انشاء محفظة برأسمال مليار دولار لاستيراد السلع الاستراتيجية بريادة بنك الخرطوم بغرض السيطرة على سعر العملة الوطنية، غير ان هذه المحفظة كانت عليها تحفظات حول احتكارية بنك الخرطوم ، وتم تجميد العمل بها لمعالجة الخلل الا انه في نوفمبر الماضي2024 ،
وكان البنك المركزي منع المصارف من الدخول في ترتيبات لإستيراد المشتقات البترولية باي من طرق الدفع السارية واقتصراستيراد المشتقات البترولية على محفظة السلع الاستراتيجية فقط.
أسئلة مشروعة لمحافظ المركزي ووزير المالية
وانتقدت الخبيرة الاقتصادية سمية سيد احتكار بنك الخرطوم لاستيراد السلع الاستراتيجية عبر المحفظة،وتساءلت عن ماهي الاسباب التي ادت الى اعلان عمل محفظة استيراد السلع الاساسية تحت ريادة بنك الخرطوم بعد الاعلان الرسمي عن تجميدها .
وفقا لما ابلغها به وزير المالية د.جبريل ابراهيم في اغسطس 2024 بان الحكومة جمدت القرار لحين اعادة تشكيل المحفظة بما يضمن مشاركة عدد من البنوك في راسمالها منعا لاحتكار بنك واحد،وتساءلت عن الدوافع التي جعلت الحكومة تقبل بنفس الشكل القديم دون ادخال بنوك اخرى في راس المال ؟!.
ورأت ان ما تم يؤدي الى اسئلة مشروعة تستوجب الاجابة من قبل محافظ بنك السودان ووزير المالية منها هل فعلا تمت الاستجابة لضغوط قوية من بعض الجهات ليصبح بنك الخرطوم هو الرائد للمحفظة مع عدم الممانعة للبنوك في المشاركة كما جاء في كثير من المواقع؟
ولماذا يدفع بنك السودان المركزي 25% من راس مال المحفظة وهو جهة حكومية لصالح بنك تجاري من جملة اكثر من 20 بنك خاص ؟
واضافت سمية سيد ان كثير من الاقتصاديين يروا ان اقتصار استيراد المشتقات البترولية بواسطة المحفظة يعني احتكار الاستيراد بواسطة المحفظة.
، وبالتالي وبما ان الاعتمادات سيتم فتحها بواسطة البنك الرائد للمحفظة ( بنك الخرطوم) وكذلك توفير النقد الاجنبي فان ذلك يعني بطريقة او باخرى ان بنك الخرطوم سيتحكم في عمليات الاستيراد وفي تحديد اسعار حصائل الصادر .
وحذرت سمية سيد من احجام مصدري الذهب عن التصدير مرجعة ذلك لجهة ان هناك حقيقة يجب الانتباه لها في هذا الخصوص وهي ان صادرات الذهب تعتبر المكون الاجنبي الاساسي لاستيراد المشتقات البترولية .وبما ان الاستيراد اصبح يتم بواسطة المحفظة فان صادرات الذهب وتحديد اسعار تلك الحصائل سيكون حكرا بواسطة البنك الرائد(الخرطوم )
معلوم ان 70% من استخدام حصائل صادرات الذهب وبحسب ضوابط بنك السودان المركزي نفسه تذهب لاستيراد السلع الاستراتيجية والتي تعتبر المواد البترولية من اكبر مكوناتها .
وبالتالي رأت سمية لن تتكرر عمليات صادر للذهب بواسطة اي بنك من البنوك التجارية لانه لن يتمكن من توظيف تلك النسبة ،بالتالي سيتم الاحجام عن الصادر او على مصدري الذهب اجبارا التوجه لبنك الخرطوم ان كان مسموحا للمحفظة بشراء حصائل الذهب حسب تكوينها .وبالعدم لاشك ان عمليات تهريب الذهب سترتفع وتنشط بشكل كبير .
واشارت سمية سيد ان البنك المركزي عند اعلانه انشاء المحفظة ذكر ان الهدف هو ضبط الاستيراد وبالتالي السيطرة على سعر الصرف من الانفلات ، مبينة انه اذا لم يتم التنسيق مع وزارة النفط لتحديد الكميات المطلوب استيرادها فلاشك انه سيتم استيراد كميات فائضة عن حاجة البلاد .
وبالتالي سيؤدي ذلك لزيادة الطلب على الدولار وسيرتفع سعر الصرف وهو اول طريق في هزيمة اهداف انشاء المحفظة .في حين كان بالامكان ان يتم ذلك بدون تدخل مباشر من البنك المركزي واعلانه عن محفظة مشتركة بينه وبين بنك الخرطوم واحتكار الاستيراد على المحفظة التي تدار بواسطة الشريك وهو بنك الخرطوم .
واضافت اذا كانت شركات الاستيراد تقوم بدفع المكون المحلي بالكامل قبل اكمال عملية الاستيراد للمحفظة (وهو امر طبيعي) .فبالتالي فان كل الامر يدور حول توفير المكون الاجنبي والذي يمكن توفيره من حصائل صادرات الذهب او شراء الذهب وتصديره.
تناقضات
غير ان الرئيس التنفيذي المكلف لبنك الخرطوم لمياء كمال ساتي،دافعت عن المحفظة ، وقالت في تصريح صحفي أن محفظة السلع الاستراتيجية، التي أطلقت بمبادرة من بنك السودان المركزي وتحت ريادة بنك الخرطوم، ليست حكراً على أي بنك بعينه،
بل هي كيان تعاوني يتيح المجال لجميع البنوك السودانية الراغبة في المساهمة والمستثمرين الأفراد والشركات للمساهمة بأموالهم وفق صيغ التمويل المعتمدة المنصوص عليها في النظام التأسيسي للمحفظة.
وأوضحت أن المحفظة تهدف بالأساس إلى تعزيز مشاركة البنوك التجارية والمستثمرين لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار المالي.
وأضافت أن النظام الأساسي للمحفظة ينص على ضمان توزيع عادل ومفتوح للمشاركة، بما يُعزز من فعالية المبادرة في تحقيق أهدافها، وعلى رأسها استقرار سعر الصرف من خلال توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية، بدءاً بالمواد البترولية، على أن تشمل السلع الأخرى تدريجياً.
ودعت ساتي البنوك والمستثمرين إلى اغتنام هذه الفرصة الوطنية وضخ أموال إضافية لدعم المحفظة، مؤكدة أهمية التعامل مع مثل هذه المبادرات بموضوعية وإثرائها بالأفكار البناءة بدلاً من الانجرار وراء الشائعات والمعلومات المغلوطة.
محفظة دولارية
من جانبه اوضح المدير العام الاسبق للوكالة الوطنية لتنمية وتمويل الصادرات احمد بابكر حمور ان ما يميز محفظة السلع الاستراتيجية بريادة بنك الخرطوم أن المساهمة فيها بالدولار وليس الجنيه كما هو الحال في جميع المحافظ السابقة بلا استثناء إذ تكون المساهمة فيها بالجنيه السوداني ،
واعتبر هذه الميزة هي مربط الفرس في تحقيق واحدا من أهداف المحفظة الا وهو استقرار سعر الصرف ، وتساءل حمور لكن كيف يتم الاستقرار ؟ المساهمة بالدولار تعني أن استيراد السلع يتم بالسعر الرسمي للدولار كما أن حصائل صادرات المحفظة يتم شراؤها من المصدرين لصالح المحفظة بالسعر الرسمي أيضا ،
واردف”ماذا يعني هذا ؟ يعني أن الطلب علي الدولار في السوق قد انخفض وبالتالي انخفاض أو ثبات سعره في السوق الموازي كما يعني أيضا استقرار أسعار السلع المستوردة في السوق المحلي كمشتقات البترول و القمح” ، ورأى ان هذه كلها مكاسب تصب في مصلحة البلاد و المواطنين .
تجميد والغاء المحفظة
ورأى حمور ان المواطن هو المتضرر الأكبر من تجميد أو إلغاء المحفظة ، وان مافيا استيراد البترول هي المستفيد الأول من وقف العمل بالمحفظة.