المقالات

د.عصام بطران يكتب : كواليس فتح خطوط الامداد والممرات الانسانية الامنة !!

الخرطوم  تسامح نيوز

 

– ظلت القوى الغربية وحلفاؤها الاقليميون في موقع (المشكوك) في حسن نواياهم تجاه السودان من واقع التجارب السابقة خلال التعامل مع ملفي المفاوضات واقرار السلام في كل من جنوب السودان (قبل الانفصال) وازمة دارفور فكانت عمليات الإعلان عن تقديم الغذاء والممرات الامنة للجيش الشعبي لتحرير السودان ومتمردو دارفور يتم جهاراً نهاراً، والمضامين العسكرية لتلك المساعدات كانت واضحة وقد شهدت على ذلك (النيويورك تايمز) في عدد 6 ديسمبر 1999م: (لقد تم تصميم الخطة في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتعزيز العمليات العسكرية للجيش الشعبي لتحرير السودان وتم عبر تشريع أجازه مجلس الشيوخ وساندته الإدارة الأمريكية). وأكدت (آفريكا كونفدينشال) إن الجيش الشعبي لتحرير السودان تلقى مسبقاً مساعدات أمريكية عبر يوغندا وإن القوات الأمريكية الخاصة تنتشر بحرية مع المتمردين في جنوب السودان .
– اسهمت عملية (شريان الحياة) في تدفق وتمدد منظمات الاغاثة في جنوب السودان و(شريان الحياة) عبارة عن برنامج لإيصال المساعدات للمتضررين من الكوارث الطبيعية وكوارث الحروب في جنوب السودان وقامت بتنفيذه وكالات الامم المتحدة والمنظمات الطوعية بتوزيع مواد الاغاثة من خلال اتفاقيات توافق عليها حكومة السودان ، وبدأت عملية شريان الحياة في 1 ابريل 1989م وشكلت لجنة وزارية بالقرار رقم 18 للتنسيق والاشراف على العملية وبلغ عدد الدول المانحة للعملية 16 دولة على راسها الولايات المتحدة الامريكية ودول:( الدنمارك ، فلندا، المانيا، السويد، ايرلندا، ايطاليا، سويسرا، كندا، فرنسا، بريطانيا، هولند، استراليا) بالاضافة الي اليابان ومجموعة الامم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها المتخصصة، وبلغت تكاليف العملية حينها 268 مليون دولار، وقد بلغ عدد المنظمات الدولية والطوعية الغربية 40 منظمة ..
– صاحب تلك العملية فتح الطرق والممرات الامنة لمرور الاغاثة تحت حماية الامم المتحدة واستخدام معداتها اللوجستية وقد ساعد موظفو الاغاثة الغربيون المتمردين في استخدام تلك الممرات لمهاجمة الجيش الحكومي .
– اتفاقيات الامداد الغذائي وفتح الممرات الامنة لحماية المدنيين تعد حديقة خلفية لما يحاك من المؤامرات الدولية تجاه الحكومات السودانية المتعاقبة وتعد المنظمات الإنسانية الطوعية هي الفاعل من خلف الكواليس لتمرير الدعم العسكري واللوجستي عبر طائراتها واسطولها البري المحمي من الاجراءات الروتينية ..
– تعتبر المنظمات الطوعية من أكثر الفاعليات تأثيراً على الحياة في المجتمعات التي توجد بها صراعات، بل تلعب دوراً بارزاً في السيطرة على الأنظمة القطرية والإقليمية، ولاشك أن تنامي قوة المنظمات سيؤثر على المجتمعات . إن المعونات الخارجية لدول العالم الثالث هي في حقيقتها إحدى أدوات السياسة الخارجية للدول المانحة، والمراد بالمعونات الخارجية الدعم بشقيه اللوجستي، المادي، الغذائي، العلاجي والاستشارات الفنية، ولقد ارتبطت الإعانات بشكل خاص بأشكال الأحلاف التي عادة ما تنشأ بين الدول الأوروبية والتي تضمن صيغاً مختلفة لتقسيم مناطق النفوذ في العالم، كما تضمن أشكالاً من التضامن العسكري، السياسي والدبلوماسي، وإن فكرة الإعانات بأنواعها اللوجستية وخاصة الاقتصادي والسياسي قديمة قدم التنافس الاستراتيجي في القارة الأوروبية ولعبت المنظمات دوراً كبيراً في هذا المجال وخاصة بعد الخطوات التي أتبعتها بريطانيا في زيادة حدة الصراع والتوترات بين الحكومة والمتمردين عليها نتيجة سياسة زيادة حدة الصراع إلى يومنا هذا . فالمنظمات أصبحت تعمل بنظام التغلغل وسط الشباب بإقامة مشاريع إستثمارية وبصفة خاصة المشروعات ذات النشاط التعليمي مع التركيز على إقامة مواقع و مراكز للوجود الأجنبي في البلاد بواسطة منظماته، وكعامل مساعد في تحريك الحرب الأهلية، والسودان أحد الأقطار التي تتميز بالنظام القبلي والعشائري مما يزيد من حدة التكتلات القبلية في الحرب والسلام، وقد هدفت المنظمات إلى تمزيق أواصر القربى بين القبائل، وكانت النتيجة الحتمية جعل عدد من القبائل قنبلة مؤقتة للانفجار هنا وهناك، فالعنصر القبلي ظل على الدوام عاملاً مهماً وفعالاً داخل المجتمع السوداني. وتسعى المنظمات إلى إنتهاك سيادة الدول وتلاشي الحدود، فهي ليست إلا وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف السياسية لدولة ما ..
– نجح الغربيون وحلفاؤهم الاقليميون من خلال إستراتيجية صنع الأزمات والكوارث من إيجاد موضع قدم للدخول في كثير من بلاد العالم التي تختلف معهم عقيدة وثقافة وأيديولوجية، كواحدة من العوامل الفاعلة والمساعدة والداعمة لتدخل المنظمات الأجنبية بذريعة الدعم الإنساني كغطاء لعمليات خفية تبدأ مع دخول هذه المنظمات التي تعمل على إزالة الحواجز وتمييع القيم بأفكار وثقافات جديدة على المجتمعات. وبعض هذه المنظمات لها قضايا أخرى ولكن تشترك مع بعضها في الحملات المعادية للسودان، فهنالك منظمات ضد الإجهاض، ولكنها تنفعل بقضايا السودان باعتبار قضاياه متعلقة بحقوق الإنسان ..
– نظراً لسيطرة اللوبي المعادي للسودان ونفوذه المؤثر جداً في منظمات المجتمع المدني والتي تعتبر الخطوة الأولى في مشروع صنع القرار، يوجد في أمريكا تحالفٌ معادٍ للسودان، يسمى تحالف السودان، وهذا التحالف يتكون من (100) منظمة وشخصية مستقلة . من أهم المنظمات الإنسانية التي لعبت دوراً كبيراً في توجيه الأوضاع بجنوب السودان لصالح حركة التمرد:
1. منظمة كير العالمية الأمريكية.
2. منظمة التضامن الفرنسية.
3. منظمة مرسي كور الأمريكية.
4. منظمة اوكسفام.
5. المؤسسة السويدية (SFM).
6. منظمة إنقاذ الطفولة البريطانية.
وقد بلغ عدد المنظمات الأجنبية الطوعية المسجلة لدى مفوضية العون الإنساني (225) منظمة، منها (198) منظمة طوعية أجنبية، و(18) منظمة دولية بما فيها وكالات الأمم المتحدة . ووظفت (12791) أجنبياً أدخلتهم البلاد من جنسيات مختلفة، يشكل الوجود الأمريكي في المنظمات ووكالات الأمم المتحدة النسبة الأعلى حيث بلغ عدد العاملين الأمريكيين (1087) عنصراً أمريكياً كأعلى نسبة، وفي المرتبة الثانية الوجود الفرنسي (1080) فرنسياً ويليهم في المرتبة الثالثة الوجود البريطاني بعدد (991) بريطانياً. وتعاملت الدول الكبرى مع المنظمات في حالة السودان بأن أوقفت الإغاثات المباشرة ودفعت أموالاً وميزانيات عالية لبعض المنظمات لتقوم بدورها المرسوم لها حيث بلغت ميزانيات المنظمات الأجنبية للعام 2007- 2008م (539) مليون دولار .
– كذلك حظيت دارفور بعدد كبير من المنظمات الأجنبية بلغ (205) منظمة منها (40) منظمة مسجلة بصورة مؤقتة. تتوزع تلك المنظمات على ولايات دارفور الثلاث بواقع (68) منظمة في شمال دارفور، العاملون الأجانب بها (231) أجنبياً وغرب دارفور (62) منظمة بها (358) أجنبياً، وجنوب دارفور (75) منظمة بها (372) أجنبياً( ). وكلها لها ارتباط بالجنوب وإدانة امتداد الصراع بدارفور لخدمة متمردي الجنوب.
– إن المنظمات الإنسانية بصفة عامة تعتبر مدخلاً مهماً للقوى الغربية في التدخل القوي في شئون السودان، وأداة من أدواته المهمة في تأجيج الصراع وتغذية المتمردين في جنوب السودان ودارفور بالمعلومات الإستخبارية والسند الميداني عبر الإمداد بالسلاح والغذاء والإيواء بمعسكرات النازحين (مسرح إعداد المتمردين وحاملي السلاح) والتعليم لأبنائهم والعون الصحي المرتبط بالنظام الكنسي إضافة إلى إيجاد القوى الغربية للقوانين الدولية التي تمكن من تسهيل عمل المنظمات عبر برنامج الإمداد بالإغاثة وفتح الطرق لتوصيلها عبر برنامج الأمم المتحدة (شريان الحياة) الذي يعتبر أهم أدواتهم القانونية التي تسوغ لدخول المنظمات الإنسانية بجنوب السودان . وتنامى عدد المنظمات الأجنبية العاملة في السودان إلى عدد 91 منظمة في العام 2013م وفي نفس العام اتخذت الحكومة السودانية قراراً يطرد 16 منظمة إنسانية مخالفة لأنظمة العمل حسب قانون العمل الطوعي والإنساني كما علقت نشاط اللجنة الدولية للصليب الأحمر لذات الأسباب ويبلغ عدد العاملين في المنظمات الأجنبية 4307 منهم 3920 سوداني بنسبة 92% ويمثل أبناء جنوب السودان وغربه (مناطق الصراع) الغالبية العظمى من العاملين بتلك المنظمات، وقد نفذت حوالي 552 مشروعاً بجملة ميزانية 416 مليون دولار حيث بلغ صرف المنظمات على التعليم 26% والصحة 24% والإغاثة 16% والمياه 9% والزراعة 8% والرعاية 8% .
– لا مجال لانى شك في ان استراتيجية القوى الغربية والخاصة بدعم الحركات المتمردة والإنفصالية بجنوب السودان وتاجيج الصراع في دارفور عملت في إتجاهين:
الأول: دعم مباشر للحركات المتمردة وشمل:
أ- التدريب والتأهيل العسكري.
ب- الدعم بالمال و الغذاء وفتح خطوط الامداد للمتمردين .
ج- الدعم اللوجستي بالسلاح والمعدات والآليات.
د- تقديم الدراسات والاستشارات بواسطة الخبراء.
الثاني: دعم غير مباشر للحركات المتمردة بالجنوب ودارفور وشمل:
أ- دعم طرف ثالث لتقديم المساعدات الميدانية والحماية الخلفية وتوفير أرض للإنطلاق منها لمهاجمة الحكومة (معسكرات حدودية بدول الجوار).
ب- فتح مكاتب للحركات المسلحة بالخارج لممارسة نشاطاتها الاتصالية والسياسية وتقديم المنح التعليمية والدراسات العليا بالدول الغربية وحلفاءها.
ج- دعم المعارضة الشمالية لفتح جبهات قتالية في مناطق مختلفة بالسودان والتنسق فيما بينها مع الحركات المتمردة بالجنوب وتقديم السند والدعم لها.
– المؤسسات الرسمية هي المفوضة للقيام بادوار تحمي المواطنين من مخاطر التمرد على سلطات الدولة وجيشها النظامي ومن هذا المنطلق احذر من تطوير اعلان جدة لاي نماذج مماثلة في احداث التمرد في جنوب السودان واقليم دارفور مما يجعل البلاد موطئ قدم للمنظمات الدولية والاقليمية التي تتدثر بثوب الانسانية ومنها تنطلق مؤامرات الطرف الثالث لدعم التمرد واطالة امد حياته وتغذيته بالمال والسلاح والغذاء والممرات الامنة للتمدد والمناورة والتصعيد بتدويل القضايا تحت ستار مخالفة الاتفاقيات وعدم الالتزام ببنودها ككلمة حق يراد بها باطل ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى