
د سناء حمد تكتب: وداعا الشيخ أحمد عبد الرحمن
د. سناء حمد.
أنا لله وإنا اليه راجعو ن ، رحم الله تعالى عم أحمد عبد الرحمن ، الرمز القامة والرجل المدرسة ..الذي يصدع بكلمة الحق ان عزّت ، والحكيم ..من ياؤي اليه الغُضابى فينطفئ نار غضبهم ، الكريم ساعة ان عظُم المال في يد الناس فيده به طلقى، الساعي في تطييب الخواطر وإصلاح ذات البين ، فكم تآلف الناس بيته من بعد خصام وطابت نفوسَهُمُ بكلماته
وكم كان ديوانه العامر في المدلهمات مأوى ، وهو الذي ما منعه العمرُ ولا المرض عن المشاركة في كل امرٍ وطني ولا اجتماع كرام لتفريج كُربة او معالجة نائبة إلا كان فيه ، كان مرتباً ودقيقاً وهو جزء من صناعة تاريخ هذا البلد ، وكان من القلائل الذين عرفت اجيالٌ فضله وحجّت اليه او أتى اليهم ليسمعوا فيكونوا هم امتداداً لهذا التاريخ ، كان يعلمُ ان هذه الأجيال المتأخرة بحاجة لتعرف هذا التاريخ لتكون امتداداً له ، يخبِّر كيف كانت البلاد قبل مايو وبعدها ، كيف قاوموا مايو وهي بذلك الوجه ،
وكيف أتت فكرة الجبهة الوطنية ، من اجتماع له في بيروت وقد كانت عاصمة السياسة والإعلام ووصلها من السعودية بمبادرة منه ، متجولاً بين مظان اهل اليسار هناك ، حتى عثر على صديقه عمر نور الدايم رحمه الله ، وجلسا يتداولان امر الوطن ، فبرزت فكرة الجبهة الوطنية ، وكيف تداولا فيها وجلسا مع الشريف حسين وكان زائراً لبيروت بالفكرة والاسم وكيف وافقهما وتبناها .
كان يحكي كيف ان انقلاب مايو بتوجّهه الشيوعي اقلق السعودية عامةً وجلاله الملك فيصل بصورة خاصة ، وكيف تم لقاءه بالملك لأكثر من مرة ، وفي مرة ادناه وأجلسه معه في أريكة كان يجلس عليها واسّر له ، نحن يهمنا السودان وان حدث امر في هذا البلد ليس لنا إلا انتم اهل السودان نستعين بكم ، ، وكيف يحفظ الإسلاميون للمملكة هذا الصنيع ، فقد أوتهم حين عزّ النصير حتى رتبوا أحوالهم وغادر بعضهم إلى بريطانيا وآخرين لأمريكا ، وبقي البعض فيها ، وواصلت هذا الدور حتى بعد ان فشل مشروع الجبهة الوطنية ..
.. … وكثير من التأريخ وقصصه كان هو مبدأه و مستودعه ونحمد الله ان يسر له بمعاونة يده اليمنى ابنته وحبيبتنا عفاف ان نشر كتاباً ضمنه هذا التاريخ وتجربته الخاصة قبل اشهر..
حين ضمه قرامطة العصر وهو الرجل الثمانيني حينها لقائمة مدبري انقلاب مايو ، و بعد تدخل عارفي فضله من قلةٍ فيهم مرؤة وشجاعة آنذاك وافقوا الا يعتقل ويبقى في بيته ويستدعى للتحقيق ، فرأى بعض الذين يعرفون ظروف صحته ، ان هولاء يمكن ان يسجنوه بلا جنية كغالب من في هذا القفص معه ، ان يخرج من السودان ، فأبى ان يخرج طالما عليه قضية ان يخرج عبر المطار ، وقال تأبى على نفسي وأنا في هذا العمر ان تسوّد صحيفتي ويقال هرب .. رحم الله عبده احمد عبدالرحمن محمد ، وغفر له وأكرمه كرماً تطيب به نفسه ويعلو به مقامه …
ولا حول ولا قوة إلا بالله