المقالات

لـواء رُكن (م) د. يونس محمود: استلمنا السودان!

متابعات -تسامح نيوز

لـواء رُكن (م) د. يونس محمود: استلمنا السودان!

لـواء رُكن (م) د. يونس محمود

هذا النداء ( إستلمنا السودان) أطلقه أحد جنود المليشيا في صبيحة يوم الغدر، تردّد صداه جنبات المكان، والخرطوم الذاهلة تُكذّب ما سمعته وتقول رُبما سقط قول سفيه، ولكنّ عربة تاتشر خضراء يزفّها موكب من العربات المدجّجة بالسلاح تقتربُ كثيرًا من بوابة القصر الجمهوري الشرقية، أطل منها على كاميرا التصوير بهاتف أحدهم.

وجهٌ مألوف لدى المُشاهد، من فرط شهرته وحضوره في المشهد بعد كارثة ديسمبر المشؤومة، إنه النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الإنتقالي، رئيس اللجنة الإقتصادية قائد قوات الدعم السريع، لكنّه في حالٍ مختلف، نزع الكاب، وإعتمل الكدمول في ردةٍ لا تُخفى ملامحها.

لـواء رُكن (م) د. يونس محمود: استلمنا السودان!

تخلّى عن مراسم الدخول المُعتاد ساعة دخوله مكتبه في القصر، رتلٌ عربات المراسم البيضاء والسارينا، ومواتر التشريفة، وإستبدلها بالتاتشرات المدرّعة بالثنائيات والراجامات، يقتربُ منه أحدهم ويقول له مشجعًا ( *أبشر إيدك فوووق* ) كأنه يزفه عريسًا.

نعم هذا المشهد هو تلخيص لسنواتٍ من الإعداد والخطط، والتجهيزات، لأنه لا يقبل عقلاً أن تصرفًا كهذا يأتي عفوًا، وهذا التقدّم الحذر للقصر الجمهوري ينتظر إشارات خضراء من أماكن أخرى ذات تكاليف في القيادة العامة ومراكز القرار، وقيادات الأسلحة المهمة ومفاصل الطُرق، والكباري، والإذاعة والتلفزيون، فكُل هذه الأعمال المتزامنة تتوّج بالدخول للقصر الجمهوري ومن ثم إعلان العهد الجديد في عمر الدولة السودانية ( *الدقلاوية* )

في هذه اللحظات الحاسمة كان القحّاطة يعدّون المراسم الدستورية التي سيوقّع عليها سعادة الرئيس الجديد وتتوالى الأوامر واصدار القوانين لإعادة ترتيب كل شيء داخل دولة المؤامرة، حيثُ كان المرسوم الأول هو حل القوات المسلحة السودانية وتسريح كل قياداتها، وضبّاطها وجنودها، إلا من يتم إختياره من قبل الدعم السريع، وكذلك حل قوات الشرطة السودانية وتسريح قيادتها، وضبّاطها، وجنودها، إلا من إرتضوه.

إسناد مهام القوات المسلحة، والشرطة، والأمن لقوات الدعم السريع.

لـواء رُكن (م) د. يونس محمود: استلمنا السودان!

إعلان حكومة ( *مؤقتة* ) وقفًا على القحّاطة جماعة الإطاري والكشف متوفر.

وكثير من التدابير الإجرائية ومظاهرات التأييد جاهزة (*أسود البراري* ) والمباركة والمساندة، والإعتراف جاهز ( *الرباعية ، وكل رخصاء أفريقيا* ) وأسياد الجلد والرأس ( *أمريكا ، ودول أوروبية* ).

هناك نيابات جاهزة لتدبيج الإتهامات، وقضاة جاهزون لعقد محاكم وإصدار أحكام مستعجلة لقوائم من القيادات العسكرية، والسياسية الإسلامية، بعدها تبدأ طاحونة ( *عبد الرحيم دقلو* ) وزير الدفاع، تبدأ في طحن الحياة في السودان.

نعم كان هذا هو الجزء الظاهر من المخطّط الكبير الذي كان قاب قوسين أو أدنى من النجاح في السيطرة على السودان وحكمه، بحساب المسافة ما بين حميدتي ومكتب الرئيس في القصر نحوا من مئتي متر.

ولكن كانت إرادة رب العالمين أقوى وتدبيره أحكم، ومكره أخير، فتعثّرت خطة إغتيال البرهان أو أسره عند بوابة دخول منزله، إذ إفتداه الحرس الجمهوري، إفتداء فرسان جواسر، و أبطال مغاوير، وإفتدوا الوطن بعملهم هذا من حيثُ لا يشعرون، وكذلك إصطدمت مجموعة إقتحام القيادة العامة بصخرة صمود لم تكن في حسبانهم أبدًا، وكان العلم الأصفر ( *علم الدعم السريع* ) في أيديهم ليرفعوه على سارية القيادة العامة التي رفرف فوقها علم الجيش السوداني منذ العام 1954م، راية منسوجة بخيوط العِز والشرف، موشاة بالبطولات، تخلفها راية قطّاع الطرق المجرمون.

هنا أُسقط في أيدي ( *حميدتي* ) وعزّ عليه دخول القصر والجلوس في مكتب الرئيس، صحى من حُلمه، وإنتبه من غفلته، وباغته الطيران بشواظٍ من نارٍ ونحاس، فلم ينتصر، ومن وقتها لا يعلم أحد حقيقته، هل هو ميت فيُنعى

أم حيٌّ فيُرجى، فأصبح بالفعل ( *البعاتي* ).

أما البقيّة : فأصابهم الغم، من كان ينتظر الظهور في شاشات ( *الإعلام المساند* ) في العواصم العربية إياها ليبرّر الإنقلاب، ومَن كان داخل الإذاعة السودانية لإذاعة البيان ( *عزت المشوطن* ) ومن كان يحمل لافتات التأييد وجاهز للخروج أمام القيادة ليبارك صنائع حميدتي.

وانتقامًا أراد ( *شمسون* ) أن يهدم المعبد على رؤوس الجميع فأشعل الحرب، وكان ينتظر نتائجها أن تُعيده إلى ما كان عليه من قبل وفق إتفاق، ولكن إرادة الله ثم بجهد وإجتهاد القوات المسلّحة وحدها في أغلب العام الأول، ليس معها سوى كتائب الإسلاميين والوطنيين، ثم إنضمّت إليها القوات المشتركة وآخرون، لتتغير موازين القوى تمامًا، ويمضى عامان من ذلك التاريخ المشؤوم وحميدتي أبعد ألف مرة من كُل هدفٍ رصده، أو رُصد له.

لم يتبقَ له الآن غير حسرات، وكسور لن تجبُر ابداً، فأين هو الآن من القصر الجمهوري والمراسم ومكاتبه في القيادة، وبرج رئاسة الدعم السريع، والأموال، والعقارات، والبيوت والصيت والطائرات ( *شلت طيارتي ومشيت جوووة* ) كما قال عبد الرحيم دقلو.

تلك أيام لا أعادها الله، وهذه نتائج خُبث القحّاطة وتآمرهم على الوطن.

ولعل الجنجويدي ، صاحب النداء ،، استلمنا السودان ،، يكون إما مقبورا ، أو معردا .

عاشت القوات المسلّحة حامية الأرض والعِرض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى